تشهد المملكة في الآونة الأخيرة تطورًا سريعًا وملحوظًا في شتى الميادين والمجالات والمرافق، وكان من بين أبرز المرافق التي شهدت تطورات متسارعة ومتواصلة مرفق القضاء، إذ تم تحديث وتطوير وسن العديد من الأنظمة؛ تيسيرًا وتسهيًلا على الخصوم والمتنازعين، من أجل تمكينهم من الوصول إلى حقوقهم وتحقيق مصالحهم في إطار قواعد العدالة والإنصاف والمساواة بين الجميع، وتحقيقًا لتلك الغاية صدر نظام المرافعات الشرعية بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/1/1435ه الذي وضع أحكام وقواعد إجراءات التقاضي وسير الدعاوى والمرافعة، ومن بينها أحكام قفل باب المرافعة. وبداية يعرف قفل باب المرافعة بأنه: «تقرير المحكمة التي تنظر الدعوى حجز الدعوى للحكم بعد أن تصبح مهيأة وجاهزة لإصدار الحكم فيها». وقد نصت المادة (69) من نظام المرافعات الشرعية على موعد قفل باب المرافعة وموعد فتحه، حيث نصت على أنه: «يقفل باب المرافعة بمجرد انتهاء الخصوم من مرافعتهم، ومع ذلك فللمحكمة قبل النطق بالحكم أن تقرر - من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم - فتح باب المرافعة وإعادة قيد الدعوى في جدول الجلسات، وذلك لأسباب مقبولة». ويفهم من ذلك أن تحديد موعد قفل باب المرافعة مرهون بانتهاء الخصوم من مرافعاتهم وتقديم دفوعهم وحججهم وإحضار بيناتهم؛ أي استخدام كافة الوسائل الإجرائية التي منحها النظام لأطراف الخصومة كي يتمكنوا من تحقيق مصالحهم وأخذ حقوقهم. وفي هذه الحالة يجب على القاضي الذي ينظر الدعوى أن يصدر حكمه متى كانت هذه الدعوى مهيأة وجاهزة للحكم فيها، وتكون الدعوى مهيأة وجاهزة للحكم فيها متى ما أبدى الخصوم أقوالهم وطلباتهم الختامية. أما إذا كانت الدعوى ليست مهيأة للحكم فيها فيجب على القاضي تأجيل إصدار الحكم فيها إلى جلسة أخرى. وقد أجازت هذه المادة للمحكمة قبل أن تنطق بالحكم أن تقرر فتح باب المرافعة وإعادة قيد الدعوى في الجلسات، إن رأت هي من تلقاء نفسها أن هناك أسبابًا منطقية ومعقولة تبرر اتخاذ هذا الإجراء. وهذا الإجراء يمكن أن تتخذه المحكمة أيضًا بناءً على طلب أحد الخصوم الذي يستند في طلبه لأسباب وجيهة ومنطقية تقبلها المحكمة، وذلك كأن ترى المحكمة أن هناك ما يستوجب النظر في أدلة أخرى قدمها أحد الخصمين أو كلاهما، ولم يكن بمقدورهما تقديم هذه الأدلة قبل ذلك لأي سبب من الأسباب التي حالت بينهما وبين ذلك. وهناك مسألة مهمة يجب الإشارة إليها وهي التزام القاضي بذكر الأسباب التي بنى عليها قيامه بفتح باب المرافعة بعد قفله، إذ يجب على القاضي أن يورد الأسباب الوجيهة والمقبولة التي اتكأ عليها في فتح باب المرافعة بعد قفله. وجدير بالذكر أنه قد يحدث في بعض الأحيان أن يتم التدخل في الدعوى من قبل الغير (أي من غير طرفي الخصومة المدعي والمدعى عليه) بناءً على طلبه أو بناءً على طلب المحكمة، وهو ما يعرف في نظام المرافعات الشرعية بالتدخل الإرادي، والإدخال والتدخل، وقد اشترط هذا النظام أن يتم هذا التدخل قبل قفل باب المرافعة. وفي هذا الصدد نصت المادة (81) من نظام المرافعات الشرعية على أنه: «يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضمًا إلى أحد الخصوم أو طالبًا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ويكون التدخل بصحيفة تبلغ للخصوم قبل يوم الجلسة، وفقًا للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أو بطلب يقدم شفهيًا في الجلسة في حضورهم، ويثبت في محضرها، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة». فإذا توافرت شروط التدخل وتم تقديم طلب التدخل قبل إقفال باب المرافعة، فيتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بقبول التدخل، ويترتب على إثر ذلك أن يصبح المتدخل طرفًا في الدعوى، ويصبح الحكم الصادر في الدعوى حجة له أو عليه.