لقاءات المثقفين لها أهمية استثنائية في رسم الخارطة الثقافية للمجتمع، فهي تمثل عصفا ذهنيا ينتج فكرا يستوعب حاضرا ويستشرف مستقبلا، وعلى امتداد المجتمعات البشرية كانت النخب تصنع الرأي العام وتقود عمليات التحولات الفكرية، ما يجعل أي فعاليات خاصة بالمثقفين والمفكرين بمختلف اتجاهاتهم إثراء حقيقيا للمشهد الثقافي، والارتفاع بفرص التطور الاجتماعي؛ لأن المخرجات تخدم تطلعات المجتمع ونزعته للنهوض على أسس وقواعد فكرية توازن بين أصالته والحالة المعاصرة. في ملتقى الكتاب السعوديين الثالث الذي نظمه النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مؤخرا، تمت مناقشة العديد من المحاور التي تربط بين الثقافة والوطنية وخلق المزيج الاجتماعي الأكثر وعيا في انتمائه وانحيازه الحاسم لوطنه، وهنا يبرز دور المثقف في عملية الوعي والتنوير ومشاركة الفرد الاجتماعي ما يدور في العقل والمخيلة، وذلك ما يبدأ بفرص انسياب المثقف نفسه في الداخل المجتمعي بحيث يكون له دوره الرائد فيما يضطلع به من مسؤوليات والتزامات في بناء الوعي. شهد الملتقى جلستين الأولى شارك فيها بورقة عمل عبدالله الناصر عضو مجلس الشورى، فيما الورقة الثانية لابراهيم التركي مدير تحرير جريدة الجزيرة المشرف على القسم الثقافي، والدكتورة أمل الطعيمي باحثة وكاتبة، أيضا الكاتب والباحث زياد الادريس، وفي الجلسة الثانية كان المتحدث بها سليمان أباحسين رئيس تحرير صحيفة اليوم المكلف الذي تناول محور الثقافة ودورها في تنمية الحس والانتماء الوطني. الملتقى أسهم في تعزيز دور المثقف في الحياة العامة، وشكّل إضافة نوعية وإثرائية مهمة للنشاط الثقافي سواء بالمنطقة الشرقية أو المملكة، فالثقافة لا تحدها الجغرافيا، فهي حراك مجتمعي يضيف إلى المعرفة ما يرتفع بالقدرات الإدراكية إلى مستويات متقدمة من الفهم وتغيير السلوك إلى الأفضل، ولكي يحدث ذلك فلا بد أن تكون حاضنات المواهب ومؤسسات الثقافة على قدر التحديات، بحيث توجد مؤسسات ذات قدرات على احتواء هموم وقضايا الثقافة والمثقفين، ولذلك حسنا فعل الملتقى بالتوصية لتأسيس مركز يعتني بالمثقف السعودي، وقد ناشد رئيس الملتقى والمثقفون وزارة الثقافة والإعلام سرعة انشاء هذا المركز، وذلك لدعم الحركة الثقافية في المملكة.