وضع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون خلال زيارته المملكة العربية السعودية الخطة الأولية لتحجيم النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، الذي عانى الكثير من هذا التمدد، حيث عبثت إيران بأمن واستقرار هذه البلدان ناهيك عن تغذيتها للمنظمات الإرهابية في العديد من الدول الغربية. وقرأ متابعون ومحللون سياسون عبر «اليوم» فحوى تصريحات تيلرسون من الرياض، بأن الولاياتالمتحدة ترغب بسد كل الثغرات، التي أحدثتها إدارة أوباما السابقة حيال الملفين النووي والعراقي، لتحجيم نفوذ إيران في مرحلة أولى، ثم الانتقال الى مرحلة تفريغها من ميليشياتها الارهابية. تحجيم إيران ويعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط، د. فادي أحمر، أن «الهدف الأساسي للزيارة ليس معالجة الأزمة الخليجية، كون تيلرسون لم يتحدث عن مبادرة، كما انه لم يزر دولة الكويت التي ترعى الوساطة، أي لم يفعلها، كما ان منطقة الخليج ليست جاهزة لقبول الحوار مع قطر بالتراجع عن بعض المطالب ال13»، وتابع «بالتالي الهدف الأساسي لزيارة تيلرسون لدول الخليج اليوم وتحديداً الى المملكة، هو تفعيل تحجيم النفوذ الايراني، وايجاد بيئة عربية جاهزة أكثر للانسجام مع استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونيته الغاء الاتفاق النووي وتصنيف الحرس الثوري الايراني كمنظمة داعمة للارهاب، من هنا كان تركيز تيلرسون في المؤتمرات الصحافية على تفعيل التقارب العراقي السعودي»، وأبدى ملاحظته أن «الولاياتالمتحدة ترغب أولاً، بإعادة العراق الى الحضن العربي لتتمكن من تحجيم النفوذ الايراني، بعد الانتهاء من داعش». ويقول أحمر «هذا لا يعني ان الامور ستجرى في القريب العاجل، فهي تحتاج الى وقت، الا ان تصريحات تيلرسون رسمت الخطة الاولية لتحجيم النفوذ الايراني في العراق»، ويضيف «علينا ان نرى ان كانت واشنطن تؤيد خطة تيلرسون، الذي بدت إستراتيجيته في المرحلة السابقة غير متجانسة مع البيت الابيض، ولاحظنا في الأزمة القطرية الاختلاف الذي وقع بين زيارة تيلرسون في تموز (يوليو) الماضي، ومحاولات المستشار، جاريد كوشنر، التعاطي مع الازمة على خلفية مصالح خاصة، كما بدا الاختلاف واضحاً بين استراتيجية تيلرسون، التي كانت تدعو الى الحوار منذ البداية وبين تغريدات ترامب التي كانت داعمة أكثر للموقف السعودي، والان هنالك اتفاق كامل لكيفية التعامل والتصعيد حيال الملف الايراني، وبدأ تيلرسون يرسم ملامحها من الرياض». مرحلة جديدة ويوضح الصحافي والمحلل السياسي، يوسف دياب، أن «الإدارة الأمريكية الجديدة تستفيد من كل الأخطاء التي سبق وارتكبتها إدارة أوباما، والتي أطلقت من خلالها يد إيران في المنطقة بشكل لم يتصوره أحد»، لافتاً الى أن «إدارة ترامب تسعى إلى القضاء على كل الثغرات، التي أوجدتها إدارة أوباما في السنوات الثماني الماضية وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، الذي يصب لصالح طهران، ولم يردعها عن تطوير أسلحتها الباليستية، التي تهدد أمن المنطقة بأكملها». وحول زيارة تيلرسون الى دول الخليج، يشير دياب إلى أن «السياسة الأمريكية وصلت إلى قناعة مفادها: أن لا دور ناجح للولايات المتحدة في المنطقة إلا بالحفاظ على حلفائها التقليديين في الخليج وبالتحديد السعودية، التي تعتبر دولة مركزية لها ثقلها في المنطقة وهي مؤثرة في كل القرارات». ويقول دياب «لا توجد حلول لأزمات المنطقة شئنا أم أبينا بمنأى عن المملكة، سواء أكان الحل في سوريا أم العراق أم في اليمن، اذا نظرنا الى زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان إلى الرقة نرى مدى أهمية الدور السعودي في التأثير على العملية السياسية، التي ستحصل في سوريا، خصوصاً مسألة الحفاظ على وحدة أراضيها، كما نرى زيارة رئيس حكومة العراق حيدر العبادي الى السعودية وتوقيع اتفاقيات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تدل على أنه مهما أثرت السياسة الإيرانية في المنطقة لا يحل الاستقرار إلا بالاعتماد على قوة الاعتدال المتمثلة بالمملكة في مواجهتها للتطرف، الذي تغذيه سياسة إيران»، مضيفاً «انطلاقاً من هذه الثوابت تأتي زيارة تيلرسون الى السعودية لتعلن اننا أمام مرحلة جديدة من التعامل الأمريكي حيال سياسات المنطقة، ورأس حربتها إضعاف وتقليم أظافر إيران ونفوذها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط». ويؤكد المحلل السياسي أن «السعودية تشكل رأس حربة في مواجهة المشروع الإيراني وتمدده، فعندما نقول إن طهران تعترف بأنها تحتل رابع عاصمة عربية في العالم العربي، هذا يعني تهديدا للأمن القومي العربي بشكل عام وكبير»، لافتاً الى ان «لإيران جيشا اسمه حزب الله في لبنان، وفي العراق لديها الحشد الشعبي، وفي سوريا لديها ميليشيات عراقية بالاضافة الى حزب الله، وفي اليمن هنالك الحوثيون»، مشدداً على ان «استقرار المنطقة يبدأ بضرب النفوذ العسكري لإيران دولة بعد دولة». ويتابع دياب «سبق وأنشئت قوة إسلامية عسكرية لمحاربة الارهاب بمشاركة 30 دولة، ولم تكن إيران جزءا منها كونها مستهدفة من خلالها، اذا تتبعنا التحقيقات التي تجرى مع المجموعات الارهابية من القاعدة وصولاً الى داعش وما سيأتي بعدها نرى أنه في مكان ما كانت إيران تشكل حاضنة لهذه المجموعات، إذن بعد القضاء على داعش في سوريا، ستبدأ مرحلة إضعاف إيران وكف يدها عن التدخل في الشؤون العربية انطلاقاً من دمشق».