حصل أستاذ الاقتصاد الأمريكي ريتشار ثالير قبل أيام على جائزة نوبل الاقتصادية لعام 2017، عن نظريته التي اختار لها اسم «التحفيز» أو «الدفع» والتي تدرّس جانب الاقتصاد «السلوكي» للأفراد، وهو تخصص يمزج بين علم النفس وعلم الاقتصاد، وبين الدوافع والحوافز لدى الفرد المستهلك في عملية الاستهلاك، وكذلك اشتملت النظرية على دراسة طباع وسلوك المسؤولين والمستثمرين ومعالجتها أداء أفضل، كما أنه صاحب نظرية المحاسبة الذهنية ووضع ثالير - المتخرج من جامعة روشستر الأمريكية - نظرية «المحاسبة الذهنية» التي تتحدث عن مدى ارتباط الذهن باتخاذ القرارات الفرد المالية والتي تُبنى على حسابات شخصية مبالغ فيها أحيانًا توقع أصحابها في الخطأ. وهذه النظرية الأخيرة قد ركّز فيها على مصادر الأزمات التي كانت تبدأ من القرارات الخاطئة وفرضيات الأفراد المسبقة للقرار، فكل شخص يتخذ قراره على مبدأ عدم الخسارة وليس الربح، وقال في كتابه «Nudge»: «الأفراد يولون قيمة أكبر لما يملكونه أكثر من الأشياء التي لا يملكونها» لذا تختلف قراراتهم وفقًا لهذه القيمة، ووصل ثالير لنتيجة أن رجل الأعمال حتى الناجح منهم يرتكب الكثير من الأخطاء ويعيش صراع الإجابة عن سؤال هو: «كيف يمكنه تصحيح أخطائه دون الحد من حرية خياراته التي تعتبر من الحقوق الأساسية في مجتمعاتنا». وتحدث خلالها عما يُعرف ب«الأبوية الليبرتارية» وهو التحفيز الذي ركّز عليه في نظريته التي حصل من خلالها على جائزة نوبل، وهو كيفية تحفيز الفرد وفق خياراته التي يتمتع فيها بكامل الحرية لسلك طريق آخر قد يكون متعارضًا بالكامل مع أفكاره أو عاداته أو ظروفه، ويقدم على الشراء. ويُعتبر عنصر «الأبوية الليبرتارية» ومعناه الحرفي هو حرية الاختيار المعياري، وفق مجموعة من الأطر التي تقيد هذه الحرية، وبالتالي تؤدي إلى ظاهرة بعينها، وهو المدخل للاقتصاديين في البحث في اقتصاد السلوك الذي وجدوه أهم العناصر في التسبب بأي أزمة عالمية، وقاموا بتأليف كتاب «كيف يمكن لبحوث القرارات السلوكية أن تعزز رفاهية المستهلك: من حرية الاختيار إلى التدخّل الأبوي الليبرتارية» في عام 2008، لدراسة أسباب الأزمة المالية حينها، والتي أدت ولا تزال لأزمات اقتصادية دولية والوقوف على تشكيل وعي جديد قد يستفيد منه التجار، كذلك يقرّون فيه بأن السلوك الاستهلاكي للفرد هو السبب غير المباشر للأزمات الاقتصادية. تختلف نظرية التحفيز التي خرج بها ثالير -أستاذ الاقتصاد في جامعة شيكاغو والمتخصص في تحليل السلوك الاقتصادي - عن باقي النظريات الاقتصادية من كونها تعالج أنماط السلوك وفهم الدوافع لدى العامة في مجال العمليات التي تتدخل في الاقتصاد كالاستهلاك والإدارة والعمل، وأثبت من خلال نظريته أن السلوك والطباع البشرية والصفات الفردية وحتى البيئات الاجتماعية لها دورها الكبير والمحفز على قرارات الأفراد في توجّهات السوق. لذا ومن خلال هذه الدراسات والنظريات يمكن أن نحدّ من سلبيات السلوك الاستهلاكي بطريقة وقائية تتماشى وعمليات التنمية ومراحلها المتتابعة.