كنت ذات يوم في زيارة رسمية مع فريق العمل لتقييم أداء أحد المستشفيات الخاصة، وعند مناقشة مدى توظيف المستشفى للتقنية والاستفادة منها في تحسين الخدمات وإدارة العمل، أبهرنا الرئيس التنفيذي بشاشة كبيرة للتحكم في مكتبه يستطيع من خلالها معرفة العديد من الإحصائيات الآنية مثل عدد المتواجدين في صالة الانتظار لكل عيادة والزمن الذي استغرقه كل مريض لدى كل طبيب والعيادات الأكثر والأقل زيارةً، وكذلك الأطباء الأعلى والأقل طلباً وغيرها من الأرقام التي كانت المصدر الرئيس لقرارات عديدة تبنتها الإدارة كفتح عيادات جديدة والتوسع في خدمات معينة وتقويم أداء الأطباء ونحو ذلك. تركز نظم الجودة العالمية على مبدأ جوهري وهو ضرورة صناعة واتخاذ القرار بناءً على الحقائق والمعلومات، ولو تأملنا واقع بعض المنظمات في مختلف القطاعات نجد أن وجهات النظر الشخصية والمشاعر تؤثر كثيراً في اتخاذ القرار لدى المديرين مما يضع تلك المنظمات على المحك. فتجد هناك من يعتمد مشروعاً ما لقناعته الشخصية بنجاحه، وآخر يصدر نظاماً تعسفياً كردة فعل لموقف ما، وثالث يفصل الموظفين أو ينهي تكليف الرؤساء لاعتبارات غير مبنية على نتائج قياس الأداء المعدة بمنهجية علمية معلنة. وعلى غرار قرار مجلس الوزراء في العام المنصرم بإنشاء مركز دعم اتخاذ القرار، أرى أهمية إنشاء وحدة إدارية بمسمى «وحدة دعم القرار» في كافة المؤسسات الحكومية والشركات والجمعيات وغيرها ترتبط مباشرةً برأس الهرم في المنظمة لتضيء له مسار القرار الصائب. هذه الوحدة تعمل على استثمار المعرفة وتحسين جودة وكفاءة المعلومات وبناء المؤشرات المرتبطة بأهداف المنظمة وخطوط العمل، والمتوافقة مع تطلعات العملاء والمستفيدين. كما يناط بها إعداد الدراسات وتقديم البيانات والمعلومات التي تنساب مترجمة بلغة الأرقام والإحصاءات والرسومات البيانية لتضعها مع الخيارات والبدائل نصب عيني القادة، وذلك في الشؤون المختلفة كالفنية والإدارية والمالية ونحوها لبناء القرار الذي يسهم في تحسين الكفاءة والأداء المؤسسي ومخرجاته. ذلك معطوف على دور الوحدة المحوري كداعم رئيس للتنفيذ عبر تثقيف وتهيئة الموظفين لتبني تلك القرارات وإدارة التغيير نحوها بما يواكب توجهات الدولة التنموية والاقتصادية.