غيب الموت صديقنا العزيز والشاعر مرهف الحس الأستاذ حسن السبع قبل أيام، بعد وعكة صحية لم تمهله طويلا، غيبه الموت بعد أشهر قليلة من قيامنا بتكريمه عبر حفل جميل في نادي الخليج بسيهات، ونحن نستعيد شريط الذكريات التي مرت بنا معه، لرجل خفيف الظل تشعر معه بالفرح والسرور والبهجة أينما التقيته، ولا يمكن أن تدور بيننا محادثة دون أن يكون المرح حاضرا فيها. إذا ما أردنا الحديث عن الجوانب الأدبية والشعرية، فهناك الكثير من الباحثين الذين تطرقوا لهذا الجانب، إلا أنه لا بد أن أشير إلى بعض اللمسات الثقافية التي يتمتع بها هذا الرجل، والتي لمستها عبر تواصلي القليل معه، خاصة عند بداية انطلاق منتدى سيهات الثقافي في مدينة سيهات، ولعل جانب الفكاهة في شعره هو أبرز ما يميزه من بين العشرات من الشعراء، فقد دخل في كتابة هذا الجانب الصعب من الشعر الذي قل مثيله، رغم انتقاد البعض له، إلا أنه لم يتوقف وواصل الكتابة وأبدع، وفي اعتقادي انه أبدع لكونه (حسن السبع) فحسن السبع عندما يتحدث ويكتب في هذا الجانب فهو هو (حسن السبع) يتحدث ويعبر عن نفسه التي جُبلت بروح المرح والفكاهة، ومن دون تكلف، لذا نشهد حضور هذه الروح في ندواته ومشاركاته، لهذا أبدع في ذلك النوع من الشعر وبرز. ومن جانب آخر فهو في كتاباته يرفض أن يجاري الجميع في ما يكتبون، فهو يكتب ما يجد في نفسه أنه يستحق الكتابة، لا في ما يكتب عنه كافة الناس، انطلاقا من مقولته التي يكررها أكثر من مرة، لن يتوقف النشيد لو نقصت الجوقة عازفا واحدا، فهو كشاعر أو ككاتب مقال متميز، لا يكتب في كافة قضايا المجتمع التي يكتب حولها الجميع. ومع ذلك فهو يسعى للاستفادة من ملاحظات النقاد والكتاب، وقد تحدثت معه قبل حفل التكريم الخاص به -قبل أشهر- بخصوص تعليقات صوتية حوله، بصوت العديد من الكتاب والأدباء، وعندما أخبرته أن هناك تعليقا من الناقد محمد العباس، قال يهمني كثيرا سماع رأيه، فهو يعلم أن العباس من ابرز النقاد السعوديين، ويعلم صراحته وجرأته في النقد، وبالطبع كان كلام العباس جميلا ومثنيا على الشاعر السبع. التواصل الشخصي مع المرحوم الأستاذ أبو نزار، كان مستمرا ومتواصلا، ولا بد أن أشير إلى أنه في فترة طرح برنامج تكريمه، طرحت عليه فكرة تسمية الشارع الذي يمر على منزله باسمه، وتحدثت في هذا المجال مع رئيس المجلس البلدي، وحري بنا الآن السعي بشكل أكبر لمتابعة هذه الفكرة لعلها تتم، تخليدا لذكرى هذا الفقيد، وكما طرح د. مبارك الخالدي قبل أيام، فان الفقيد يستحق حفلا تأبينيا بمستوى يليق بمكانته أو ندوة خاصة تتحدث حول شعره ونتاجه الأدبي، أو غير ذلك مما يتناسب مع الفقيد ومكانته. اعتاد الفقيد أن يتناول طعام إفطاره مع احد أقاربه في احد الأسواق (المولات) كما اعتدت أنا أيضا على ذلك في نفس المكان، وكنا نلتقي أكثر من مرة بمحض الصدفة، وفي المرات التي لا أراه فيها، كنت أتصل به وأسأل عن غيابه فأقول له إن السوق كان مظلما هذا اليوم لعدم تواجدك، فيطلق ضحكاته وتعليقاته اللطيفة، وما عساني أقول الآن إلا أن السوق سيظلم إلى الأبد بعد فقدك يا أبا نزار، وإنا لله وإنا إليه راجعون.