من نحن؟ وإلى أين ذاهبون؟ ما هي الصورة المستقبلية التي ينبغي أن نكون عليها؟ وبماذا سنتميز عن غيرنا؟ ما هي المجالات التي سنعمل فيها؟ بهذه الأسئلة وغيرها انطلق بيل جيتس بشركته مايكروسوفت لاستشراف المستقبل وتحديد الوجهة فيه، حيث بنت رؤيتها في البدايات لتكون: «كمبيوتر لكل مكتب وفي كل منزل يستخدم برامجنا كأداة لتحقيق الفاعلية والقيمة»، لذا قامت الشركة بتسخير كافة مقوماتها ومواردها نحو هذه الرؤية حتى استطاعت بلوغ الحلم وغدت جزءا من حياتنا اليومية. إن المتأمل في واقع المؤسسات على اختلاف قطاعاتها ومدى إيمانها برؤية المستقبل يجدها من وجهة نظري تقبع في مناطق ثلاث. الأولى منطقة الشتات وهي شريحة كبيرة ومؤثرة في الاقتصاد كونها تتضمن نسبة لا يستهان بها من المؤسسات الخاصة، حيث تعتقد هذه الفئة أن مفهوم الرؤية ترف إداري لا قيمة له، لذا كثيرا ما نلحظ تشتت المشاريع والموظفين لديها لعدم وجود محطة واحدة تقود اتجاههم. كما أن تلك المؤسسات تنغمس وتنخرط في الأعمال الروتينية معتمدة على «قوتها اليومي» وتاركة المستقبل مركونا لعامل الحظ مما يرفع نسبة المخاطرة ويجعلها على المحك. أما الثانية فهي منطقة السراب والتي تضع فيها بعض المنظمات رؤى تمتد على طول عمر المنظمة تراها بعيدا دون أن تبلغها. ذلك قد يكون إما نتيجة ضعف البناء العلمي للرؤية مما يجعلهم يتخذونها شعارا مستداما، أو لرغبة المنظمة في مواكبة المؤسسات الأخرى «الموضة» واستغلال ذلك إعلاميا لتسويق منتجاتها دون السعي الجاد لتحدي المستقبل، مما يجعل نتائجها في تذبذب مستمر لفجوة الثقة وتباين الاتجاهات بين أفراد وإدارات المنظمة. ثالثا: المنطقة الاستشرافية التي تتواجد فيها مايكروسوفت وقوقل وغيرها والتي لا بد أن تتحول إليها جميع مؤسساتنا، بما فيها الحكومية وتعبد لها السبل لتواكب الرؤية الوطنية التي حددت نقطة واضحة المعالم على خط الزمن لقيادة المستقبل. هذه المنطقة تتطلب دراسة الوضع الحالي للمؤسسات بشكل دقيق، وتحديد المستهدفات والميزة التنافسية والصورة المستقبلية التي تجعلها تحمل مشعل الريادة لتحسين المؤشرات السعودية في غمار التنافسية العالمية. ختاما يقول الكاتب ديفد كامبل «إذا لم تكن تدري إلى أين تتجه ربما ستصل إلى مكان آخر».