أقصد هذه ال(نا) في العنوان، التي أتمنى أن تلحق في ألسنتنا بجميع ما تدشنه الدولة من منشآت تخدمنا بها، حتى ولو كانت بمقابل مادي، قل أو كثر، نذيب بها الجليد الذي يتكون بسبب عدم استحضار المآلات لهذه الخدمة أو تلك، وتزيد الحواجز كلما غضضنا الطرف عن المنافع المحصلة منها، وحدقنا فقط في المبلغ الذي ندفعه، مع أننا ندفع أكثر منه في رغبات طارئة، لا أهمية لها ولا ضرورة. دفعتُ لعدد من أولادي رسوم التقديم على اختبارات القياس عدة مرات، وكنت في كل مرة أدفعها باقتناع، وأنا أراهم بين الاختبار والاختبار يبذلون جهدا كبيرا، ليحصلوا على درجات أفضل، فيزيدون من القراءات، ويراجعون كثيرا من المعلومات، ويحضرون بعض الدورات التي أدفع لها أيضا رسوما أخرى، ويعيشون شهورا من القلق الرائع المنتج، حيث يشعرون بأنهم أمام مسؤولية شخصية، تحفزهم ليحققوا نجاحا غير عادي، ليتاح لهم في النهاية الحصول على المقعد الجامعي الذي يطمحون إليه، بشرط أن يكون مناسبا لميولهم ولقدراتهم. في زيارة خاصة للمركز الوطني للقياس، عرفت معلومة صغيرة/كبيرة، هي أن هذا المركز ليس فقط لاكتشاف مستوى القدرات المتعلقة بالتعلم لدى الطلاب المقبلين على التعليم ما بعد الثانوي، لتبصير مؤسسات التعليم نفسها بفرص نجاح من يتقدم إليها، خاصة في التخصصات التي تشهد إقبالا عاليا للالتحاق بها، كما تعطي المُختبر نفسه تصورا عن مستوى قدراته، وهو هدف نبيل، يمكن أن يحفظ أعمارا تبذل في التخصص الذي لا يتناسب مع القدرات الشخصية، ويحفظ مقدرات وطنية كبيرة تنفق على العملية التعليمية ثم يغير الطالب وجهته، لاكتشافه المتأخر عدم قدرته على هذا التخصص، بل يحفظ مخرجات التعليم التي يُتهم بعضها أنه ضعيف، وغير قادر على قيام منتجه بمهامه الوظيفية في المستقبل. لدى المركز الوطني للقياس مقياس لنواتج التعلم، يسهم بها في تطوير البرامج العلمية في الجامعات السعودية، حين تراجع مفردات مقرراتها، بل وأساليب التعليم التي تمارسها في قاعاتها، ويوفر من خلاله مؤشرات دقيقة عن مخرجات التعليم الجامعي، وبهذا يجد الطالب نفسه الذي أصبح خريجا على طاولة الاختبار، ليحدد مدى تحصيله خلال رحلة التعلم الجامعي، ويساعده على تقويمه لنفسه، ومن ثم السعي للتطوير والتأهل لما يطمح إليه من خلال برامج ودبلومات ودورات تطرحها الجامعات في مراكز التعليم المستمر. ولدى المركز الوطني للقياس اختبارات للمعلمين والمعلمات، تهدف إلى قياس مدى تحقق الحد الأدنى من المعايير التي ينبغي توافرها في المتقدمين لمهنة التعليم، بما تشمل من معارف وعلوم ومهارات تغطي الجوانب الأساس للمهنة، واستثمار نتائج الاختبار في عمليات المفاضلة بين المتقدمين لمهنة التدريس. وحين يطبق مثل هذا الاختبار ونتائجه بشكل دقيق، فإن كثيرا من مشكلات مخرجات التعليم سوف تتلاشى بإذن الله تعالى. وتعانق وتعاضد هذه الاختبارات، اختبارات مهنية تشمل قيادات المدارس، والإرشاد الطلابي، والمشرفين التربويين، ليتولى الأفضل دائما، في المهن القيادية والتوجيهية في الميدان التعليمي. وانطلق المركز ليخدم قطاعات أخرى في الوطن الغالي، في النيابة العامة، والإرشاد السياحي، والمهندسين، وغيرهم. بل يمكن لكل فرد أن يتعرف على قدراته المعرفية العامة، لأداء مهامه الوظيفية على أكمل وجه من خلال اختبار خاص بذلك. ومما أبهرني في المركز التقنية العالية التي يعمل بها، ويسير ويراقب بها كافة عملياته الدقيقة، محققا بذلك رسالته التي تنص على: «تحقيق العدالة والجودة، وتلبية الاحتياجات التنموية».