قال إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ د. علي الحذيفي، إن الشرع المقدس أمر بالاجتماع والاتفاق ونهى عن الاختلاف والافتراق؛ حفظا للدين الإسلامي الذي لا تقوم الحياة إلا به، ولا تنال الجنة إلا بالعمل به، وحفظا للمجتمع من التصدع والتخلخل والفوضى والتنازع والفساد والبغضاء وحماية للمصالح والمنافع والحقوق الخاصة والعامة وتحقيقا للأمن والعدل والاستقرار. اجتماع وترابط وأضاف د. الحذيفي في خطبة الجمعة، أمس، «إنه من أجل ذلك كله، أمر الله- سبحانه- بالائتلاف ونهى عن الاختلاف فقال تعالى «واعتصِمُوا بِحبلِ اللهِ جمِيعا ولا تفرقُوا واذكُرُوا نِعمت اللهِ عليكُم إِذ كُنتُم أعداء فألف بين قُلُوبِكُم فأصبحتُم بِنِعمتِهِ إِخوانا وكُنتُم على شفا حُفرةٍ مِن النارِ فأنقذكُم مِنها كذلِك يُبيِنُ اللهُ لكُم آياتِهِ لعلكُم تهتدُون»، وقال سبحانه «وتعاونُوا على البِرِ والتقوى ولا تعاونُوا على الإِثمِ والعُدوانِ»، وقال تعالى «والمُؤمِنُون والمُؤمِناتُ بعضُهُم أولِياءُ بعضٍ»، وأوضح أن التماسك والاجتماع والترابط والتوافق والتكافل والتراحم ومناصرة الحق ونبذ الخلاف ونبذ التفرق حصن يأوي إليه المجتمع وموئل يسع الناس، ومأمن للجميع وقوة للدين وحفظ لمنافع الحياة الدنيا، وحرز من الفتن المضلة وسلامة وعافية من كيد الأعداء وضررهم، وكما أمر الله- تعالى- بالحفاظ على ترابط المجتمع، نهى عن التقاطع والتدابر والشقاق والاختلاف والفوضى وفتح باب الشر بقوله تعالى «ولا تكُونُوا كالذِين تفرقُوا واختلفُوا مِن بعدِ ما جاءهُمُ البيِناتُ وأُولئِك لهُم عذاب عظِيم». تعاضد وتلاحم وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي، أن هذه من النواهي والزواجر التي تضيع الحقوق وتفرق بين المسلمين، وأن من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم النافعة التي ضمنت أوامر التعاضد والتلاحم والاجتماع، ونهت عن الفرقة والاختلاف والابتداع فجمعت الدين والدنيا قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أُوصِيكُم بِتقوى اللهِ عز وجل، والسمعِ والطاعةِ، وإِن تأمر عليكُم عبد حبشِي، فإِنهُ من يعِش مِنكُم فسيرى اختِلافا كثِيرا، فعليكُم بِسُنتِي وسُنةِ الخُلفاءِ الراشِدِين المهدِيِين، تمسكُوا بِها، وعضُوا عليها بِالنواجِذِ، وإِياكُم ومُحدثاتِ الأُمُورِ، فإِن كُل مُحدثةٍ بِدعة وكُل بِدعةٍ ضلالة». فلاح وفوز وذكر فضيلته، أن من رحمة الله بالمسلمين أن حذرهم من الفتن عامة فقال عز وجل «واتقُوا فِتنة لا تُصِيبن الذِين ظلمُوا مِنكُم خاصة واعلمُوا أن الله شدِيدُ العِقابِ»، وكما نهى الشرع المقدس عن الفتن عامة وحذر منها لضررها حذر من فتن خاصة تضر صاحبها وتضر العامة فقد حذر الشرع من أن يشذ الفرد عن الجماعة، والافتتان بالدنيا وإهمال أعمال الآخرة ونسيانها، والفلاح والفوز هما العمل للآخرة والعمل لإصلاح الدنيا وعمرانها بكل نافع ومفيد يعز الدين ويفي بحاجات المسلمين ويعف المرء المسلم عن ذل المسألة ويبسط يده بالنفقة في أبواب الخير، لقوله تعالى: «يا أيُها الناسُ إِن وعد اللهِ حق فلا تغُرنكُمُ الحياةُ الدُنيا ولا يغُرنكُم بِاللهِ الغرُورُ». روابط وصلات وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي إلى أن الإقبال على الدنيا بجمع حطامها من حلال وحرام وبال على صاحبه، وإضرار وشر على المجتمع، وجمعها بالاعتداء على حق الآخرين وظلمهم في حقوقهم وأموالهم يفرق الكلمة ويوهن الروابط والصلات، والتنافس عليها بحرص وشح وخصومة يقود إلى تباغض القلوب وتنافرها، موضحا أن أول خلاف في الأمة خروج المنافقين على الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - بدافع حب الدنيا طمعا في منصب الدنيا فما نالوا إلا ترحا وخزيا.