وردتني تعليقات كثيرة على مقال الإسبوع الماضي الذي تحدثت فيه عن (6) حالات تجعل الزوجين يفكران في التخلي عن زواجهما وهي: عندما يكون زواجك سببا في عزلك عن أهلك وأصدقائك وحتى عن نفسك، وعندما يطلب أحد الطرفين من الآخر أن يغير دينه، وفي حالة العنف والضرب المستمر والمتكرر، وفي حالة القلق من كثرة المشاكل التي تحدث بين الزوجين، والإدمان بكل أنواعه للكحول والمخدرات والعلاقات المحرمة، وأخيرا استمرار الخيانات وعدم التوقف أو تركها، فهذه ست حالات تعرض الزواج للانفصال وخاصة في حالة عناد أحد الطرفين في الاستمرار بها وعدم علاجها. ووردتني مقترحات من القراء بإضافة البخل وتدخل الحماة في العلاقة الزوجية، ولعل من التعليقات الطريفة أن إحدى الزوجات كتبت أنها تعيش أربع حالات من الحالات الست التي ذكرتها ومع ذلك فهي صابرة ولم تطلب الطلاق، وصار أكثر القراء يعلق على كلامها، فبعضهم قال المفروض أنك لا تصبرين وتطلبين الطلاق وهو من حقك، وبعضهم قال اصبري واستمري لعل الله يهديه ويترك الحالات الأربع وأجرك عند الله عظيم. والسؤال الذي أود طرحه بهذا المقال هو: هل كل مشكلة مستمرة تحدث بين زوجين ترشح الزواج للانفصال؟ والجواب عن هذا السؤال هو: إن هناك أمرين لا بد أن نفرق بينهما حتى نتخذ القرار الصحيح، الأمر الأول نوعية المشكلة وحجمها، وهل هي مستجدة أم قديمة؟، والأمر الثاني ظروف الطرف الآخر المادية والصحية والنفسية، لأن في بعض الحالات تحدث نفس المشكلة في بيتين مختلفين وكل أسرة تتخذ قرارا مختلفا عن الأخرى بما يتناسب مع ظروفها وطبيعة شخصية الزوجين وهذا هو الصواب. ونضرب مثالا على ذلك، في حالة ادمان الزوج المتكرر، فلو كانت زوجة المدمن لديها أطفال صغار وتخاف أن يشاهد الأطفال والدهم كل يوم يدخل البيت في حالة التعاطي، أو أنه يتعاطي داخل البيت، وهي مستقرة اجتماعيا، وبيت أهلها قريب منها وهو بيت كبير ووالداها موجودان ولها دخل تعيش منه، فلو طلبت الطلاق في مثل هذه الظروف يكون قرارها صحيحا. أما لو كانت زوجة أخرى ليس لديها أطفال أو أن زوجها يتعاطى في الخارج ولا يتعاطى بالبيت أو أن أبناءها كبار بالسن، ووالداها متوفيان وليس عندها دخل شهري، ففي مثل هذه الظروف يكون قرارها بالصبر وعدم الانفصال صحيحا، لأنه يتناسب مع ظروفها وطبيعة حياتها. في مثل هذه الحالة أنا لا أتحدث عن الحقوق والواجبات أو ما ينص عليه القانون من الحقوق وإنما أتحدث عن مهارات حل المشاكل والوقت المناسب لإنهاء العلاقة الزوجية بسبب يضر باستقرار وأمن الأسرة ويهدد سلامتها التربوية، ولهذا نحن عندما ندرس الحالة ندرسها من جميع جوانبها حتى نتخذ قرار الانفصال، لكي يكون القرار صحيحا ويتم تطبيقه بمنهجية التسريح بإحسان، فعندما ندرس المشكلة الزوجية نفكر بمعايير كثيرة مثل (عمر الزوجين وجنسيتهما، ودراسة وضعهما الصحي والنفسي والمادي، ومعرفة عدد أولادهما وأعمارهم ومشاكلهم، والتعرف على طبيعة السكن ومستقبل السكن في حالة الانفصال، كما ندرس نوع المشكلة وعمرها وطبيعتها ومدى تأثيرها على الزوجين والأبناء، ومدى استعداد صاحب المشكلة بتجاوز مشكلته وإعطائه الفرصة لو وعد لمعرفة حقيقة وعده)، وبعد هذه الدراسة (14) نقطة يتم اتخاذ القرار بعدها والخيار للزوجين في النهاية.