قدم الشاعر عبدالله الهميلي، الجمعة الماضي، ورقة فكرية بعنوان «أزمة فرويد، وما بعد الفرويدية»، في الأمسية الثقافية التي نظمتها «الحلقة المعرفية» حديثة التكوين في مركز آفاق بمدينة سيهات. وجاء في مقدمة مدير الأمسية محمد سعيد: معرفة الإنسان بذاته تحركها عدة غايات، منها غاية تحقيق الفضيلة الأخلاقية عند الحكماء، أو إشباع الفضول المعرفي والإصلاح الاجتماعي عند الفلاسفة وعلماء الإنسانيات، أو العلاج السيكولوجي عند المحللين النفسيين والأطباء، أو الاستثمار الأفضل لإمكاناتها عند الباحثين في تطوير ذات الإنسان. وعن مسوغات الورقة، قال الهميلي: لما قدمه فرويد وتلاميذه من فتوحات كبرى رفدت المخيلة الإنسانية الإبداعية وأعطت أجوبة وتساؤلات حول ماهية الإنسان المجهولة والتي ألهمت المفكرين من مختلف الحقول المعرفية والإنسانية من فلسفة وعلم اجتماع، وأدب وفنون وحتى سينما. وأضاف: الفنون والآداب مدينة لفرويد كما هو أيضا مدين لها في الكثير من تحليلاته وإضاءاته، ففرويد يثق بحدس الفنان وآمن بصدقيته واختراقه للمجهول من الذات الإنسانية، ويكفي فرويد أنه مكتشف لما سمي قارة اللا شعور أو العقل الباطن كثير من المصطلحات في علم النفس وتطور الذات تعود إلى فرويد وتلامذته. كما تناولت ورقة الهميلي أجزاء من سيرة فرويد وعلاقته المتوترة مع تلامذته، وحللت الصراعات التي حدثت له معهم، وموقف فرويد في كل صراع، وأثر الأبوية والعصر الذي عاش فيه على أفكاره، وتوجهاته. وفي جانب من المداخلات، قال الشاعر يحيى العبداللطيف: يبدو أن الورقة حلقت على مدينة بمساحة واسعة دون أن يوقفها تفاصيل الزواريب، وقد كنت أتمنى أن تركز الورقة على جانب محدد لتعرض تفاصيله. وتساءل العبداللطيف عن مدى استفادة فرويد من دارون، فأكد الهميلي تأثره في حديثه عن لا وعي الأجيال. وأكد د. مبارك الخالدي أن هناك فضلا لبعض الأدباء على فرويد ومنهم ديستوفيسكي مثلا، كما أن التحليل النفسي تحول إلى منهج نقدي لاحقا، وتساءل عن موقف النسويات وعلاقة فرويد المتوترة مع المرأة. فأجاب الهميلي موضحا أن فرويد يمثل الوجهة الذكورية للقرن التاسع عشر، وأن ابنته «أنا فرويد» أكملت مشروع التحليل، لكن تلامذته ك «جان لاكان» أعادوا الاعتبار للأنثى. ومثلت المداخلات وجهات نظر متباينة حول علمية الفرويدية والتحليل النفسي، وحول أهمية الورقة، غير أن الكاتب حسين الجنبي أشاد بالورقة وقال إنها فاقت توقعاته.