هل يسرح خيالك غالبا في مكان وزمان مختلف عما أنت فيه الآن؟ وهل معظم أعمالك مجرد وسائل سريعة للوصول لمحطة ما؟ وهل تركيزك منصب على الإنجازات ذات اللذة قصيرة المدى؟ وهل تبحث دوما عن إثارة جديدة أو استهلاك متجدد؟ وهل أنت مقتنع أنك إذا أحرزت المزيد ستصبح مكتملا؟ وهل تعيش في انتظار شخص ما لإعطاء حياتك معنى؟. إذا كانت غالب إجاباتك موافقة على ما سبق، فمعناه أن اهتمامك يتمركز معظمه في الماضي أو في المستقبل، وأنك تفتقد للعيش في الآن (الحاضر)، الذي هو أغلى ما في الوجود؛ لأنه الوحيد الموجود، فالحياة هي الآن وهنا، لا شيء يحدث أبدا في الماضي، ولا شيء سيحدث في المستقبل، بل سيحدث في الآن. لاحظ كيف يسعى عقلك دوما للخروج من الآن، بإرجاع ذاكرتك لاسترجاع أحداث الماضي، أو إشغالك بالتنبؤ بالمستقبل، حيث يحاول العقل دائما وأبدا إبعادك عن اللحظة الآنية وتشويش الحضور فيها، ولكن كلما كنت أكثر قدرة على احترام الآن كلما تحررت من الآلام والقلق ومن العقل الأناني. ربما تعتقد أن ظروفا معينة هي ما تجعلك تعاني، لكن جذر المعاناة هو انفصالك عن عيش الآن، وارتباطك بالماضي والمستقبل وانشغالك عن حيوية اللحظة، وبالنسبة للأنا لا وجود أبدا للحظات الحاضر، فهي تهتم بإبقاء الماضي حيا أمامك، وتشدك خارج اللحظة لتضع المزيد من الخطط المستقبلية لإشباع طموحها، والكثير من «الأنا» لا تعرف ماذا تريد، سوى أنها لا تريد ما هو في اللحظة الراهنة، لذا لا تشبع أبدا من تكرار أسطوانة «ذات يوم»، سأفعل ذات يوم، سأفرح ذات يوم، سأجد ذات يوم، وهكذا يقضي بعضهم كامل حياته في انتظار أن يبدأها. لن تجد نفسك من خلال التعلق بالماضي أو قلق المستقبل، والمكان الأنسب لكي تجد نفسك من خلاله هو اللحظة، فاتخذها عادة أن تسأل نفسك: ماذا يحدث في داخلي هذه اللحظة؟ وكن الحارس اليقظ دوما لسلامك الداخلي وراقب اتجاه أفكارك وركز امتنانك على الأشياء السارة مهما كانت صغيرة فتأثيرها كبير على حالة وعيك.