في هذا الوقت من العام تشتد علينا ضغوطات الحياة من دراسة وعمل وواجبات منزلية، وقد يغيب عن أذهاننا أن نسأل أنفسنا، هل نحن فعلا سعداء في حياتنا؟، هل نحن مقصرون تجاه أنفسنا؟ عادة ما يصف الحكماء السعادة بأنها رحلة حياة وليست محطة تصل إليها. ويكثر ما نجد من الكتب في المكتبات عن السعادة وقواعد السعادة التي عندما نقرأ عناوينها لوهلة نشعر أننا وجدنا ذلك السر الذي يطمح إليه معظمنا. السعادة هي أسلوب حياة ومنهج، إن اتبعناه قد ننسى أننا نمر الآن بفترات قاسية وصعبة. وعندما أقول منهج حياة، أعني أن تكرار تداولنا لهذا المنهج سوف يعطي لحياتنا طابعا مختلفا عن ما كنا سنشعر به إذا ما انغمسنا في سلبيات ومصاعب الحياة. إذن، كيف نبدأ بالانطلاق إلى رحلة السعادة هذه؟ أبدأ إجابتي على هذا السؤال عندما أقول إن الرحلة تبدأ من السلام الداخلي للنفس، عندما لا نحمل نفسنا ما لا طاقة لها به، نسلم بالماضي بكل أخطائه ونعيش في حاضرنا بكل لحظاته، ونتطلع للمستقبل بكل إيجابية وسلام. بهذه المبادئ سنشعر بأننا سيطرنا على جزء كبير ومهم في حياتنا، ألا وهو أفكارنا. وإذا ما انتقلنا إلى دائرة التأثير الأخرى، سنجد الآخرين، الذين عادة ما نستمد طاقاتنا وشعورنا منهم. وهنا مربط الفرس، وهو كيف أن نكون كالمصفاة، التي تنتقي كل ما هو طيب وكل ما يسعدنا من الآخرين. نتفاعل مع همومهم وأحزانهم وتعثراتهم وسخطهم، لكن بحماية من الداخل تنبع من الأساس كسلام داخلي. وإذا ما تحدثنا عن ما هو محيط بنا في العالم، سأقول بأن الكون يتسع ويكون بقدر اتساع ورضا أفكارنا، ويكون كما ننظر إليه. إذن لا وقت أفضل من أن نكون سعداء سوا الآن. هذه اللحظة الآنية التي ستخفف علينا ضغوط وتقلبات الحياة، وستجعلنا نتصالح مع ماضينا ومستقبلنا. علينا ألا ننتظر أن تقدم لنا السعادة على طبق من ذهب، لأننا لن نشعر بقيمتها. وألا ننتظر أن تأتينا من مكان آخر غير أنفسنا، لأنه حتما من اختار أن يسعد نفسه من الداخل، وأن يكون هو مصدر سعادته، فقد اختار أن يمشي في رحلة السعادة للأبد، لا أن يكون وصوله إليها يعني انتهاء حياته.