بعد مضي شهرين على الأزمة القطرية ودخولها الشهر الثالث لا تزال الأوضاع كما هي عليه، منذ الخامس من يونيو الماضي، يوم أن قررت الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب قطع علاقاتها مع قطر، وإغلاق الأجواء الجوية والبحرية أمامها، وفيما تستمر الوساطة الكويتيةوالأمريكية بالعمل، لم تحقق الدوحة بالمقابل أي مكسب أو أي تقدم، بل برهنت التطورات أن خسائرها تتعاظم يوما بعد يوم، سياسيا واقتصاديا وقانونيا وإعلاميا، حيث صارت الدوحة عنوانا دوليا للإرهاب، وصارت دولة معزولة منبوذة من محيطها العربي. وقالت صحيفة «واشنطن تايمز»: إن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب ملتزمة بالإجراءات التي اتخذتها ضد قطر؛ لما في ذلك من فرصة لإنهاء التهديد الإرهابي المروع للأمن في منطقة الشرق الأوسط للأبد. الفراغ والإرهاب وأوضحت الصحيفة الأمريكية «أن الفراغ الذي خلفته إدارة أوباما، والتي سحبت معظم القوات الأمريكية من العراق وأغلب القوات من أفغانستان، تم ملؤه بسرعة من قبل الإرهابيين». وأضافت الصحيفة: إن قطر ساهمت في عدم الاستقرار من خلال دعم تنظيم جماعة الإخوان، الأمر الذي استفادت منه عدة دول أهمها إيران، وألقى بشكل أو بآخر بتبعات على الإدارة الأمريكية. ومع ذلك يقول المقال: إن إيران ليست وحدها التي تمثل خطرا على المنطقة: ف«قطر تأوي وتمول المتطرفين في جميع أنحاء العالم، وليس الشرق الأوسط فقط». ولا يُغفل دور الإعلام، حيث يشير التقرير إلى قناة الجزيرة التي وفرت للإرهابيين منصة لنشر الكراهية والتحريض على العنف، في جميع أنحاء العالم الإسلامي والعالم العربي. حوار مباشر وفي سياق الجهود المبذولة لحل الأزمة، التقى المبعوثان الأمريكيان أمير قطر من دون أن يتسرب للإعلام ما نتج عن اللقاء. أما الوساطة الكويتية فوسائل إعلام تشير إلى تطويرها لتشمل ضمانات كويتية أمريكية مشتركة لحل الأزمة. فيما نقلت صحيفة الرأي الكويتية عن مصادر أن هذه الضمانات شملتها الرسائل الخطية التي سلمها مبعوث أمير الكويت لقادة الدول الأطراف في الأزمة. ورغم عدم تأكيد هذه المعلومات بشكل رسمي من أي طرف إلا أن الصحيفة مضت لتقول إن الكويت تسعى من هذه الضمانات لتمهيد الطريق لإطلاق حوار مباشر بين أطراف الأزمة القطرية. تهرب الدوحة وعلى صعيد متصل، انتهت كل المسارات بقطر إلى حائط مسدود، بعد فشل كل الرهانات، فالدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب أعلنت منذ اليوم الأول للأزمة أن الحل لن يكون إلا خليجيا وعربيا، وأكدت تمسكها بذلك، في كل المحافل، وهو ما تجاهلته قطر، وراحت تلف وتدور وتطرق أبواب عواصم الإقليم والقوى الدولية، بينما أبواب الرياض وأبوظبي والمنامة والقاهرة أقرب إليها من كل الأبواب، وهذا ما أكده صراحة وزراء خارجية الدول الأربع في مؤتمري القاهرة والمنامة، كما حددوا لقطر خريطة طريق قادرة على إنهاء الأزمة، إذا كانت الدوحة جادة في وضع حد لها. وفيما تعمل جهود الوساطة ذكر مراقبون أن هدف الدول العربية كان ولا يزال هو استعادة قطر إلى الحضن العربي، إنقاذا لها من نفسها، إلا أن الدوحة لا تزال مصممة على التهرب من الاستحقاقات العربية، وهو ما يعني أنها غير مدركة بعد لتداعيات فشل رهاناتها، وأنها غير واعية بعد لخطورة الوضع الذي انزلقت إليه، وهي حالة تفقد الدول كل مقومات قوتها، خاصة أن الدول العربية الأربع أثبتت -في المقابل- قوة وصلابة موقفها، وإصرارها على تحقيق أهدافها، ولذا فإن خسائر قطر سوف تتعاظم، ما لم تبادر بتغيير نهجها المرفوض عربيا. تأشيرات مجانية وتمارس الدوحة حاليا سياسة دفن الرؤوس في الرمال دون أن تحاول فك عزلتها وحلحلة أزمتها بسبب سياستها الداعمة للإرهاب. وأثارت قائمة الدول الثمانين التي قالت قطر إنها أعفتها من تأشيرة الدخول استغرابا؛ لكون عشرات الدول كدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا كانت معفاة أصلا من التأشيرة، فيما رأت صحف أوروبية أن الدوحة ليست وجهة سياحية مفضلة. ويأتي القرار بعد انهيار السياحة في قطر وشلل حركة الطيران. وضمت القائمة دولا صغيرة، مثل الفاتيكان وسان مارينو وموناكو وأندورا وسيشل، وهي دول لا تعرف بأنها دول مصدرة للسياح. بل إن السلطات القطرية كانت سمحت في نوفمبر 2016 بمنح فيزا ترانزيت مجانية لكل مواطني دول العالم، تتيح للركاب الذين يستخدمون طيران «القطرية» قضاء 96 ساعة على الأكثر. وتناولت صحف ومواقع أوروبية منها لوموند الفرنسية ولوسوار البلجيكة، قرار قطر إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول، فرأت صحيفة لوموند مثلا أن الدوحة تسعى من خلال هذا القرار إلى إنعاش قطاعي السياحة والطيران اللذين يعانيان من مقاطعة الجيران. وخلصت الصحيفة في معرض حديثها عن قرار الدوحة إلى أن قطر -وعلى النقيض من دبي- لا تشكل بالتأكيد وجهة سياحية مفضلة.