كشف الحرفي في خياطة البشوت سلمان الحمد من اهالي الاحساء لزوار ملتقى الحرف والصناعات اليدوية بالجبيل الصناعية عن تجربته بصناعة «البشت» على مدى 35 عاما وحياكته. وأشار الى ان صناعة البشوت في الأحساء تمتد إلى ما قبل ظهور الإسلام أو بعده بحسب المؤرخين، ولعل ظهور هذه الصناعة بعد الإسلام يكون رأيا راجحا، كما يميل لذلك عدد من الباحثين، وهذا ما أكده أصحاب الحرفة، الذين توارثوها جيلا بعد جيل، وأزمانا فأزمانا، حتى ظلت إلى اليوم محصورة في عوائل محدودة في المحافظة، ومنهم «القطان»، و«المهدي»، و«العلي»، و«الحرز»، و«النجار»، و«الخرس»، ولكن ثمة عائلة مات أجدادها الحافظون للصنعة، ولم يورثوها لأبنائهم. وأضاف الحمد أنَّ الأحسائيين صدروا صناعة الحرفة إلى دول مجاورة، في الخليج، وسوريا، والعراق. موضحا أن طريقة التوارث والتدريب تأتي من السابعة لدى الأبناء الذين يرافقون آباءهم في مكان العمل، فيدربونهم على المراحل السبع التي تمر بها صناعة المشلح، وهي «التركيب التحتي»، وتمثل خياطة أول طرز من الزري، و«الهيلة» وهذه المرحلة الثانية التي يشق فيها المشلح، والمرحلة الثالثة «التركيب الفوقي»، لتركيب الطرف الثاني من الطرز والزري على القماش، والمرحلة الرابعة «البروج»، وهي زخرفة المشلح، وبعدها مرحلة «المكسر»، وتحتاج إلى مهارة عالية لخياطة الخيوط المذهبة، ومرحلة «القيطان»، وهو عبارة عن خيط سميك مذهب يوضع على أطراف الخياطة الخارجية، وتوضع في أطرافه كرتان صغيرتان من الزري المذهبة وتسمى «الفرفوشة»، والمرحلة الأخيرة «البرادخ والتلميع»، وفيها يوضع الزري المخاط على قطعة خشب، ويتم طرقه بمطارق خاصة لتلميعه. وتابع: «فن خياطة البشت» يحتاج إلى براعة وصبر تامين، ولأنها موهبة كالرسم والنحت، فقد تخصص فيها أشخاص لهم من الخبرة والحرفية الشيء الكثير، خصوصا أن تنسيق الدقات المذهبة وطريقة تركيبها، يسير وفق خريطة دقيقة متناسقة، لا تقبل الخطأ الذي يكلف الوقوع فيه خسائر مادية. ولأن عين الناقد بصيرة، فيمكن لأي زبون مهتم بلبس البشت ملاحظة العيوب التي قد يقع فيها حايك البشت. وأشهر أنواعه التي يبحث عنها الزبون - أنواع الدقات - هي: (الملكي، والمنديلي، والمتوسع، والمقطع، والعريض، والوسط، والسخيف، والمروبع، والمخومس). وتستورد أقمشتها من كشمير، ولندن، وسوريا، وغيرها، وكل هذه الأنواع تحمل ألوانا مختلفة، أشهرها الأسود، والعودي، والأبيض، والسكري، والأشقر، والبني. ويفضل أصحابها اللون حسب فصول السنة الأربعة، فلكل فصل لونه وسماكته، تبعا لتقلب درجات الحرارة في انخفاضها وارتفاعها. أما السعر فيتراوح ما بين ال 1500 إلى 4000 ريال، حسب النوعية، والدقة، وطريقة التطريز. ويستورد الزري الذهبي لها من فرنسا، وألمانيا، وغيرهما. ويقول علي القطان- صاحب مصنع مشالح: إن إنتاجية مصنعهم تتجاوز في العام الواحد أكثر من 1800 بشت من مختلف الأنواع، موضحا أن حجم مبيعات المشالح يتجاوز ال 30 مليون ريال في السنة الواحدة، وأن أغلب مبيعاتهم تنشط في الأعياد والزواجات، تقريبا. بشت الكمبيوتر والعمالة ومع تقدم التكنولوجيا التي ولَّدت معها حلولاً لكل ما نستخدمه في الحياة، راج في الأسواق بما يعرف ب«بشت الكمبيوتر»، حيث يخاط بآلات تتم برمجتها عن طريق الكمبيوتر، دون أن تتدخل اليد في شيء من صناعته. إلا أن أغلب العارفين في سوق «المشالح» يرغبون في اقتناء البشت المصنوع يدويا، إمعانا منهم في الجودة والذوق الرفيع، مع الفارق الكبير الذي يميزونه بين الصناعتين- حسبما ذكروا- ومنها الجودة والنوعية التي ميزته عن المصنوع آليا، لأن صناعته اليدوية تحتاج إلى مهارة وخفة يد احترافية في التطريز والخياطة. وحث الحمد الشباب على تعلم هذه المهنة الاصيلة وحمايتها من الاندثار من خلال الالتحاق بدورات تعليم خياطة البشوت بالاحساء والقصيم. ويعتبر الحمد من ضمن مجموعة خياطين بالاحساء توكل لهم مهمة خياطة البشوت الملكية للملوك والامراء ومسؤولي الدولة.