أصبحت المعرفة اليوم هى الدعامة الاساسية لأى توجه حضارى أو تنموى، حيث تعتبر المعرفة من الموضوعات الهامة المطروحة فى كافة السياقات وعلى مختلف التخصصات، ولا ننسى أننا نعيش عصر المعرفة الذي تواكب معه صياغة برنامج التحول الوطني وتبني رؤية المملكة 2030، وهذا العصر الذى أصبحت فيه تطرح كافة القضايا الاقتصادية والتنموية عبر المنظور أو المدخل المعرفي، حتى تخضع للتحليل والتفسير وفقا للمدخل المعرفى، ولذا أطرح هنا سؤالا هاما وهو هل يمكن للمعرفة أن تؤثر في ثقافة الإنسان وحياة الشعوب؟ وفى الحقيقة هذا السؤال جعلنى ابحث عن مصطلح المعرفة وانعكاساتها، وقد تبين ان المعرفة لها آثار على حياة المجتمعات وثقافتها واساليب تفاعلاتها، فالمعرفة هى ليست مجرد نتاج للتقدم، وانما هى ايضا وسيلة لاحداثه، ومن هنا فنحن فى حاجة لاستيعاب المعرفة حسيا وفكريا وثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، فالمعرفة تؤثر فى كافة مظاهر الحياة للمجتمع الانسانى، ولهذا ينظر الى المعرفة باعتبارها طريق الى الحكمة، ويتضح ذلك من خلال الربط بين البيانات ثم صياغة العلاقات بين المعلومات ثم الارتقاء بهم الى الفهم الذي يؤدي الى الحكمة، تلك الحكمة التي يمكن من خلالها اتخاذ القرارت الرشيدة والعقلانية، فهي قرارت قائمة على الدراسة الدقيقة للبيانات والمعلومات، ومن هنا تُعد المعرفة القاعدة الأساسية اللازمة لإنجاز مشروعات التنمية الإنسانية في شتى المجالات؛ لأنها وسيلة ضرورية لتيسير وتنويع الخيارات المتاحة أمام الأفراد لتنمية قدراتهم وطاقاتهم وإمكانياتهم والسمو بأوضاعهم، ولهذا تولدت الاتجاهات التنموية على مستوى العالم التى تطالب بضرورة التوجه الى المعرفة، وتنادى بأهمية تحول المجتمعات الى مجتمعات المعرفة، واستثمر في ذلك ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي أعادت بنهاية القرن العشرين صياغة طرق إنشاء المعرفة وجني ثمارها وتجميعها وتوليفها ومعالجتها وتحسينها وتوجيهها، الامر الذى يحقق مستويات أدائية قادرة على الاستخدام الامثل والكفء للمعرفة وايضاح فاعلية وتأثير ذلك على السلوك الانسانى واعادة صياغة الاطر الثقافية التي من شأنها أن تؤثر على مظاهر الحياة اليومية للبشر وتفاعلاتهم، حيث إن الاستيعاب الناجح للمعرفة واستثمارها يقود الى اكتشاف ممارسات جديدة اكثر فاعلية وكفاءة، وعليه يمكن التغلب على العيوب والعقبات واعادة صياغة الاطر الفكرية والتنموية، ومن هنا يمكن الانتقال نحو مستقبل افضل، وفي النهاية تأتي الاجابة عن سؤالي، ان المعرفة حقا قاعدة انطلاق نحو الاستيعاب والفهم الذي من شأنه ان يغير فكر الانسان واسلوب حياته ليس ذلك فقط، بل يمكن من خلال المعرفة إثراء الايديولوجيات التنموية وطرحها لرؤى مستقبلية اكثر اشراقا.