المعرفة والإبداع هما وجهان لعملة واحدة هي الإبداع المعرفي فالمعرفة هي أساس الإبداع ومدخلاته ، والإبداع هو ناتج المعرفة ومخرجاتها ، وما لم تتوج المعرفة بالإبداع تصبح المعرفة خاملة أكثر قابلية للاندثار والذوبان والنسيان. والإبداع هو عمليات النشاط العقلي المعرفي لمعالجة المعرفة وتوليفها وإعادة صياغتها وإنتاجها لتشكل الناتج الإبداعي المعرفي . المعرفة كالضوء ، كالنور الطبيعي ، هي الضوء والحرارة والرياح والمطر والنسيم والهواء والغذاء والمياه .. هي باختصار الحياة ، والفرق بين الإنسان الذي يعرف والإنسان الذي لا يعرف يعادل الفرق بين الحياة والموت ، والمعرفة التي لا تكلل بالإبداع أو الابتكار أو بالتجديد أو بالتحديث بحل المشكلات الإنسانية والمجتمعية والحياتية هي معرفة منقوصة لا جدوى منها ، والإنسان العارف الذي لا يعيد معالجة المعرفة اقتناءً واستيعاباً وتوليفاً واشتقاقاً وتوليداً للفكر الإبداعي الدينامكي ، يكون إنساناً خاملاً مديناً لنفسه ومجتمعه وحياته ، قال الله تعالى .. قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .. المعرفة تنطوي على العقل الجمعي التراكمي فيها الخشية وفيها التقوى وفيها ناموس الله في الكون وفي الحياة ، المعرفة متعددة الأبعاد ، متشعبة الدروب والمسالك والتأثيرات تغطي كافة مناحي الحياة ، تنمو وتتراكم بالتفعيل ، وتنحسر وتتراجع بالتغافل والتجاهل والإهمال. المعرفة والإبداع المعرفي هما لُب حياة الأفراد والمجتمعات باعتبارهم غاية التنمية وهم وسائلها ، وهما يعيشان ويتجددان ويسموان في أدمغة البشر ، هم مخازنها وهم منتجوها ومبدعوها . يتنامى الإبداع المعرفي بالتلاقح الفكري والانتقال عبر الأجيال من خلال الكتب والمراجع والبرامج والأنشطة والمشروعات والندوات والمؤتمرات في أطرِ من الحريات الأكاديمية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، العلاقات بين المعرفة والإبداع المعرفي والحرية الأكاديمية هي علاقات خطية مطردة ، حيث يزدهر الإبداع المعرفي في سياق من السياسات والعقول المنفتحة الداعمة المرحبة بالاختلاف ، السياق الذي يسمح باستقلال عمليات تقويم الأفكار عن عمليات توليد الأفكار . المعرفة في الغربة وطن ، والإبداع المعرفي هو قيمة العطاء الإنساني المتفرد بقيمه المضافة الذي يشكل أغلى الأصول غير الملموسة ، المعرفة والإبداع المعرفي يفوقان في قيمتهما ومحتواهما وإنجازاتهما قيم الأصول المادية الملموسة كالأرض والنفط والمعادن والمياه ، الإبداع المعرفي هو من يعطي الأصول قيمتها ومنفعتها ودورها الإيجابي في حياة الناس . المعرفة هي أساس التقدم التكنولوجي ، هي صانعته وهي منتجته ، تدين البشرية بكل إنجازاتها وعبر تاريخها كله وعبر إبداعها المعرفي كله على مختلف الأصعدة اقتناءً واستيعاباً وإنتاجاً للمعرفة . المعرفة إبداع والإبداع معرفة وهما وجها الإبداع المعرفي . وفق الله الجميع ،، * وكيل جامعة أم القرى للأعمال والإبداع المعرفي