في مقتبل العمر يأتي الشاب في حياته الى مفترق طرق، وفي هذا المفترق يتحدد مصيره فإما ان يصبح من ذوي الدخل المرتفع ويعيش هو وأبناؤه في رخاء أو العكس، والكثير من الناجحين قد وفقهم الله لاختيار الطريق الصحيح رغم ما فيه من مشقة، وللأسف بعض من الناس اختار الطريق الأسهل وكان هو طريق التعاسة له ولذريته من بعده. بعد التخرج من الجامعة، قرار الابتعاث للدراسة في الخارج أو البقاء والالتحاق بوظيفة هو مفترق طرق للطالب ففيه يتحدد مستقبل الطالب، فإما ان يسلك الطالب الطريق الأسهل وهو البحث عن وظيفة حكومية أو أن يعمل في القطاع الخاص ويكتفي بدخل محدود وترقيات وزيادة في الراتب بطيئة، أو خيار الابتعاث وتطوير وبناء نفسه ليعود مؤهلاً للمنافسة في سوق العمل والحصول على ميزات أفضل من غيره وترقيات وزيادات بسرعة أكبر، بالإضافة الى خدمة بلده بطريقة أفضل وهذا هو الأهم. بعض من تخرج معي عندما كنا في أمريكا وحصل على الماجستير تعادل رواتبهم اليوم 5 أضعاف رواتب من قرر الالتحاق بوظيفة حكومية بعد الجامعة مباشرة، وهنا نجد أن المبتعثين آثروا المشقة لثلاث سنوات ليرتاحوا بقية العمر ، بينما آثر البعض الراحة في البداية وقضاء العمر في مشقة. احذر من تجمعات «الكبسة» التي يحرص الشباب على إقامتها كثيراً، فهي أول الطريق الى الفشل في تعلم اللغة أو الى تأخير تعلمها لسنة أخرىلكن هل الابتعاث وحده يكفي لأن يضمن انك ستعود مؤهلاً ؟ لا، فربما تعود كما ذهبت وضيعت سنين عمرك بلا فائدة. لقد شاهدت طلابا سعوديين عادوا من دراسة اللغة أو حتى الماجستير وهم لا يجيدون اللغة، وإنما أخذوها «باللف والدوران» من جامعات «أي كلام»، وبذلك ضيعوا على أنفسهم فرصة لا تعوض، لذلك يجب بذل مجهود عند الذهاب في بعثة خصوصاً في السنة الأولى لتعلم اللغة. وبما أنني مررت بتجربة الابتعاث فسأذكر بعض الأمور الهامة لأبنائنا المبتعثين عسى أن يستفيدوا منها. السنة الأولى لتعلم اللغة هي الأهم، ويمكنك إجادة اللغة في أول سنة إذا بذلت مجهودا. ذهابك للمعهد فقط لن يفيدك في تعلم اللغة، يجب حل الواجبات، القراءة والكتابة، الاختلاط مع المتكلمين باللغة الانجليزية باستمرار. بعضهم توقع انه بذهابه للمعهد فقط سيتعلم اللغة، لكنه فشل. أحذر من تجمعات «الكبسة» التي يحرص الشباب على إقامتها كثيراً، فهي أول الطريق الى الفشل في تعلم اللغة أو الى تأخير تعلمها لسنة أخرى، وإن كان لابد، يمكن ان تجتمع بهم بعد صلاة الجمعة فقط. في بعض الأحيان سينتقدك الطلاب السعوديون بسبب الانعزال عنهم، لكن ان ينتقدوك أفضل من ان يضيع مستقبلك وفرصة عمر لا تعوض. لدى الجامعة برامج تجعلك تختلط بغيرك من الطلبة من المتحدثين باللغة الانجليزية، ابحث عن هذه البرامج. يحق لك ان تعمل في الجامعة ساعات معينة، هذا ستفيدك لتعلم اللغة. التحق بأي عمل تطوعي، فهذا أيضا سيساعدك في الاختلاط وتعلم اللغة. اطلب من دكاترة الجامعة ان تعمل معهم وتساعدهم بالمجان. احرص على اختيار جامعة جيدة. لطلبة الماجستير، نظام التعليم الذي تخرجنا فيه لا يساعد على اجتياز امتحان «الجيمات» لذلك تحتاج الى بذل مجهود أكبر والالتحاق بمعاهد فقط لتعليم كيفية التعامل مع هذا الامتحان. تجربة العيش في الدول الغربية ومجتمعاته مفيدة جداً وتفتح لك آفاقا جديدة، فلا تنعزل عن هذه المجتمعات وخالطهم لتستفيد من ايجابياتهم، وتمتع بالقدر المعقول ولا تنجرف وراء مُتع مؤقتة قد تُضَيّع عليك دينك ومستقبلك، والأهم، احفظ الله يحفظك وأعلم بأن الأجانب لديهم مبدأ وأنهم لا يحترمون من لا يحترم دينه. عزيزي المبتعث، هذه الفرصة لا يحصل عليها الكثير وهي خيارك لمستقبل أفضل، فلا تجعلها تفوتك كي لا تندم عليها بقية عمرك، ولا تحرم والديك فرحتهما بنجاحك وبعودتك مرفوع الرأس. Twitter @BawardiK