أطفالنا أمانة في أعناقنا، يجب علينا أن نرعاهم ونهتم بهم من كافة الجوانب السلوكية والاجتماعية والصحية، سواء في البيت أو المنزل، وقد هالتني حوداث وفاة الطلاب المتكررة أثناء ذهابهم إلى المدرسة، فكنت أفكر، هل هؤلاء الطلاب ذاهبون إلى ساحة معركة يقاتلون فيها، أم إلى مدرسة يتلقون فيها العلم، ولا أبالغ إذا قلت: إننا مخطئون في حقهم، ونتحمل وزر ما جنته الأقدار عليهم. مسؤولية تأمين سلامة الطلاب أثناء ذهابهم أو إيابهم إلى المدارس موزعة بين البلديات والأمانات والمرور، ووزارة التربية والتعليم وأفراد المجتمع ككل، فلو قام كل طرف بما يمليه عليه واجبه وضميره، لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه في الحادث الذي أرعبني على مستقبل هؤلاء الأبناء، والمطلوب من الوزارة أن تختار مواقع آمنة لإنشاء المدارس، بعيدة عن الطرق السريعة، والإشارات، مع تخصيص طرق آمنة يسلكها الطلاب أثناء ذهابهم وإيابهم إلى المدارس، مع توفير جسور تبعدهم عن الإشارات والطرق المزدحمة، بل دعوني أطالب بأكثر من هذا وذاك، عبر تأمين سيارات شرطة، تؤمن باصات الطلاب الجماعية أثناء سيرها في الطرق السريعة. وفي المشهد ذاته، أذكر أنني كنت سعيدا وفخورا للغاية بمنظر شباب ساهموا في إنقاذ الطلاب، ومحاولة إسعافهم، وساءني في الوقت نفسه موقف شباب، تركوا الدماء تنزف، والأرواح تزهق، وأخرجوا جوالاتهم للبحث عن مصلحتهم وتصوير تفاصيل الحادث بكل بشاعته، وتنافسوا في نشر هذه الصور في مواقع ال»واتساب» وال»فيس بوك»، وكأنهم إعلاميون يبحثون عن السرعة في نشر الخبر، وليسوا أناسا من دم ولحم، كان ينبغي عليهم أن يشعروا بآلام الناس وأوجاعهم، ويعملون على تخفيفها، هؤلاء استخدموا وسائل التكنولوجيا بشكلها السييء، وليس بشكلها الايجابي. دعوني أحذر هنا أننا نواجه أزمة في الأخلاق في الترابط الاجتماعي وفي نجدة الملهوف والاستماع إلى استغاثته، والمسارعة في نجدته، كما نواجه أزمة في التوعية والتثقيف المجتمعي، الذي إن فقدناه، نفقد أشياء كثيرة جميلة هي من أساس عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها، وعلينا أن نعيد حساباتنا من جديد، لتلافي الأخطاء التي قد وقعنا فيها.