تناولنا في المقال الماضي إحدى أدوات حماية المساهمين للشركة وهي الجمعية العامة العادية، وفي هذا المقال نتناول الجمعية العامة غير العادية التي تعتبر كذلك من أدوات حماية المساهمين للشركة وفق الاختصاصات الموكولة إليها. وقد وردت الإشارة إلى تلك الاختصاصات في المادة (87) من نظام الشركات السعودي، حيث جاء نصها: «فيما عدا الأمور التي تختص بها الجمعية العامة غير العادية، تختص الجمعية العامة العادية بجميع الأمور المتعلقة بالشركة...إلخ»، وكذلك وردت الإشارة إلى تلك الاختصاصات في نص الفقرة الثانية من المادة (88) ونصها: «للجمعية العامة غير العادية -فضلاً عن الاختصاصات المقررة لها- أن تصدر قرارات في الأمور الداخلة أصلاً في اختصاصات الجمعية العامة العادية، وذلك بالشروط والأوضاع نفسها المقررة للجمعية العامة العادية». وبالنظر إلى هذا النص سيعتقد القارئ له أنه سيجد تلك الأمور التي تختص بها الجمعية العامة غير العادية في مكان واحد ولو بشكل مجمل ثم يتلوه التفصيل ولو كان متفرقاً، لكن الحقيقة أنك ستجد تلك الاختصاصات متفرقة هنا وهناك، تجدها في المادة (88) والمادة (137) والمادة (144) والمادة (150) وغيرها من المواد. والمعهود في قوانين الشركات للدول الأخرى هو النص على هذه الاختصاصات في مكان واحد بشكل مجمل على أقل الأحوال ثم يأتي بعد ذلك تفصيل كل اختصاص. ولذا سنجمع هنا في هذا المقال اختصاصات الجمعية العامة غير العادية والتي يُمكن حصرها في: 1- تعديل نظام الشركة. 2- زيادة رأس مال الشركة. 3- تخفيض رأس مال الشركة. 4- حلِّ الشركة. وتفصيل تلك الاختصاصات بشكل موجز كالتالي: أولاً: تعديل نظام الشركة: يجوز للجمعية العامة غير العادية تعديل نظام الشركة الأساسي بموجب نص المادة (88) من نظام الشركات باستثناء أربعة أمور: أولها ما يتعلق بحرمان المساهم أو تعديل أي من حقوقه الأساسية التي يستمدها بصفته شريكاً مثل حصوله على نصيبه من الأرباح أو من موجودات الشركة عند التصفية أو حضور جمعيات المساهمين والتصويت على قراراتها أو التصرف في أسهمه وفق أحكام النظام ونحو ذلك. وثانيها التعديلات التي من شأنها زيادة الأعباء المالية على المساهمين، ما لم يوافق على ذلك جميع المساهمين. وثالثها نقل مركز الشركة الرئيس إلى خارج المملكة. ورابعها تغيير جنسية الشركة. وهذا النص العام المبيّن لحق الجمعية العامة غير العادية في تعديل نظام الشركة فيما عدا هذه الأمور الأربعة يؤكد حق الجمعية العامة غير العادية بالقيام بكافة التعديلات فيما سواها ويعد حق الجمعية في ذلك من النظام العام بحيث لا يجوز أن يتضمن نظام الشركة الأساسي ما يفيد حرمانها من تعديل نظام الشركة. ثانياً: زيادة رأس المال: من اختصاصات الجمعية العامة غير العادية زيادة رأس مال الشركة وذلك في حالة حاجتها لذلك، نتيجة لتوسعها في نشاطها أو بسبب خسائر مُنيت بها الشركة، وتقوم بزيادة رأس مالها لتعديل أوضاعها. وقد تقوم الشركة في سبيل ذلك -وفق منصوص المادة (138) من نظام الشركات- إما بإصدار أسهم جديدة مقابل حصص نقدية أو عينية. أو بإصدار أسهم جديدة مقابل ما على الشركة من ديون معيَّنة المقدار حالَّة الأداء، على أن يكون الإصدار بالقيمة التي تقررها الجمعية العامة غير العادية بعد الاستعانة برأي خبير أو مقوِّم معتمد، وبعد أن يعد مجلس الإدارة ومراجع الحسابات بياناً عن منشأ هذه الديون ومقدارها ويوقع أعضاء المجلس ومراجع الحسابات هذا البيان، ويكونون مسؤولين عن صحته. أو بإصدار أسهم جديدة بمقدار الاحتياطي الذي تقرر الجمعية العامة غير العادية إدماجه في رأس المال، ويجب أن تصدر هذه الأسهم بنفس شكل وأوضاع الأسهم المتداولة، وتوزع تلك الأسهم على المساهمين دون مقابل بنسبة ما يملكه كل منهم من الأسهم الأصلية. أو بإصدار أسهم جديدة مقابل أدوات الدين أو الصكوك التمويلية. ثالثاً: تخفيض رأس مال الشركة: الأصل أنه لا يجوز المساس برأس مال الشركة أثناء حياتها، لأن رأس المال هو الضمان العام للدائنين، غير أن هذا الأصل لا يمنع الجمعية العامة غير العادية من أن تقرر تخفيض رأس مال الشركة، والتحفيض قد يكون حقيقياً يعقبه وفاء للمساهمين، وقد يكون شكلياً لا يعقبه أي وفاء، بل يكون مجرد عملية حسابية. وللتوضيح أكثر فإن التخفيض الحقيقي هو الناتج عن اكتشاف زيادة في رأس المال لا حاجة لها، والتخفيض الشكلي هو الناتج عن وجود خسائر ابتلعت جزءً من رأس المال اقتضت خفض رأس المال ليتوافق مع مقدار المال الحقيقي الموجود. ويحدد قرار الجمعية العامة غير العادية بتخفيض رأس المال الكيفية التي يتم بها تنفيذه، ووفقاً للمادة (146) من نظام الشركات، يتم تخفيض رأس المال بإحدى طريقتين: إما بإلغاء عدد من الأسهم يعادل القدر المطلوب تخفيضه. أو بشراء الشركة لعدد من أسهمها يعادل القدر المطلوب تخفيضه، ومن ثم إلغاؤها. رابعاً: حل الشركة: إنهاء الشركة قبل أوانها من اختصاص الجمعية العامة غير العادية بحسب نص المادة (150) من نظام الشركات وذلك في حال بلغت خسائر شركة المساهمة نصف رأس المال المدفوع، في أي وقت خلال السنة المالية، وحينها يجب على مجلس الإدارة -خلال خمسة عشر يوماً من علمه بذلك- دعوة الجمعية العامة غير العادية للاجتماع خلال خمسة وأربعين يوماً من تاريخ علمه بالخسائر، لتقرر إما زيادة رأس مال الشركة أو تخفيضه -وفقاً لأحكام النظام– وذلك إلى الحد الذي تنخفض معه نسبة الخسائر إلى ما دون نصف رأس المال المدفوع، أو حل الشركة قبل الأجل المحدد في نظامها الأساس. علماً بأن الشركة ستعتبر منقضية بقوة النظام إذا لم تجتمع الجمعية العامة غير العادية خلال تلك الخمسة والأربعين يوماً. ونلاحظ هنا أن نظام الشركات القديم في المادة (148) منه قد كانت الدعوة فيه للنظر في حل الشركة إذا بلغت الخسائر ثلاثة أرباع رأس المال وهو أمرٌ كان منتقداً عليه، وقد أحسن المنظم السعودي حين ألزم في نظام الشركات الجديد القيام بتلك الدعوة إذا بلغت الخسائر نصف رأس المال.