بدأت قطر في تغيير لهجتها أخيرًا تجاه مطالب الدول الأربع المقاطعة وقالت إنها تعمل مع الولاياتالمتحدة والكويت للرد على قائمة المطالب التي تتهم الدوحة بدعم «الإرهاب» وزعزعة الأمن والاستقرار بالمنطقة. وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزير الخارجية القطري لجمهور من الحضور في المركز العربي في واشنطن الخميس: «نحن عازمون على التفاوض حول أي مسائل مشروعة مع جيراننا». يومان لم يبق سوى يومين على انتهاء المهلة العربية الممنوحة لقطر من أجل الرد على مطالب الدول المقاطعة، فقد أعربت قطر على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الخميس عن استعدادها لمناقشة ما وصفته بالقضايا المشروعة مع دول الجوار ومصر لإنهاء الأزمة، لكنها قالت في الوقت عينه: إن قائمة المطالب التي تلقتها الأسبوع الماضي تضمنت مطالب يستحيل تنفيذها لأنها غير واقعية و«منافية للمنطق» بحسب وصفها. ونفى الوزير القطري علاقة بلاده مع تنظيم داعش والقاعدة وحزب الله اللبناني، ونفى أيضًا وجود أي عنصر من الحرس الثوري الإيراني في قطر. ومن المفترض أن تنتهي المهلة، غدًا الأحد، بعد رفض وزير الخارجية عادل الجبير أي تفاوض أو شرط مسبق قبل تنفيذ الدوحة المطالب الثلاثة عشر. بعدها ربما تواجه الدوحة عقوبات جديدة إذا لم تف بتلك المطالب، بحسب سفير الإمارات لدى روسيا. أما وزير الخارجية المصري سامح شكرى فقال: إن الكرة الآن في الملعب القطري، وعلى الدوحة الاختيار بين الحفاظ على الأمن القومي العربي، أو الاستمرار في تقويضه لصالح قوى خارجية. وحثت بريطانيا والكويت أطراف أزمة قطر على تفعيل الحوار والعمل من أجل ضمان وحدة دول مجلس التعاون الخليجي. جاء ذلك عقب اجتماع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام الكويتي بالوكالة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح. وحيال التطورات الجارية لا تبدو في الأفق أية حلول دبلوماسية مع إصرار الدوحة على تعنتها وموقفها الرافض للتعاطي مع المطالب وتقديم تنازلات تساعد على خروجها من عنق الزجاجة. ملاجئ قطر الهروب إلى الأمام، مصطلح يبدو أنه الوصف الأدق للسياسة القطرية منذ بدء الأزمة مع الدول التي قطعت العلاقات مع الدوحة بسبب دعمها للإرهاب والتعاون مع إيران لزعزعة استقرار المنطقة. ودأبت الدوحة على التهرب من معالجة أسباب الأزمة، فتذرعت بجهلها لمطالب المقاطعين، وكأن هذه المطالب وليدة اللحظة، وليست معروفة وقيد التجاهل القطري منذ سنوات خاصة بعد اتفاق الرياض. ومن بين سياسة التسويف والهروب إلى الأمام، اعتبار الدوحة الإرهاب مقاومة، والدفع بهذا أمام المجتمع الدولي، الذي يضع، للمفارقة، على قائمة الإرهاب هؤلاء المتمتعين بخير قطر من إخوان مسلمين وتنظيمات إرهابية أخرى. فقد وجدت قيادات هذه التنظيمات في الدوحة الدعم المالي والملاذ الآمن والمنابر الإعلامية، التي لا تنفك تنشر خطابات الكراهية التي بات وقفها على رأس المطالب المقدمة لقطر. أدلة وادعاءات وحديث الدوحة عن اتهامات بلا أدلة ينافي الواقع، فالسلطات القطرية تسلمت البراهين والأسماء والوقائع، وليس إحجام الدول الأربع المكتوية بنار الفتنة القطرية عن نشرها يعني أنها غير موجودة، فليس من عادة الأشقاء «نشر الغسيل القذر» للجارة. كما لجأت الدوحة إلى الادعاء بأنها تتعرض لحصار، فبات التوصيف القطري للمقاطعة بالحصار من الأدبيات القطرية في التصدي للأزمة. ومصطلح الحصار الذي ينافي الواقع ويتناقض مع الأجواء المفتوحة، يقتصر استخدامه على قطر وعلى صفحات وشاشات الإعلام الذي تموله الدوحة. كما لجأت الدوحة أيضا إلى التهديد المبطن، فكان أول إجراء اتخذته قطر، وذلك عندما وضعت يدها بيد إيران، وأدخلت القوات التركية إلى أراضيها لتحمي نظامها. ويؤكد مراقبون أن على الدوحة أن تعلم أنه بتلبية مطالب جيرانها الحريصين على أمن واستقرار الإقليم، بما فيه قطر أهون بمرات من مواجهة أحد الملاجئ الثلاثة التي اختارتها قطر، إن لم يكن الثلاثة مجتمعين. فالخيار الأخير خطر قد تتجنبه الدوحة ببساطة، إن غيّرت من سياساتها القائمة وجعلت من الاعتدال ومكافحة الإرهاب ركنين ثابتين في سياستها. ارتفاع الأسعار ومع استمرار التعنت القطري في مواجهة المطالب المقدمة من الدول المقاطعة السعودية، الإمارات، البحرين ومصر -والتي وصفتها الدوحة بغير المنطقية- بدأت الأسواق القطرية تستشعر تداعيات تلك المقاطعة. إذ ارتفعت أسعار بعض المواد، خاصة الغذائية بشكلٍ كبير. وتخطت الزيادة نسبة ال25%، بحسب تقارير اقتصادية، الأمر الذي أخرج الأسواق عن سيطرة الأجهزة الرقابية وفق موقع «نون» المختص بالتجارة الإلكترونية الذي أشار إلى أن أسعار السلعة الواحدة تتفاوت بشكل غير معقول. فبعد الأزمة أغلقت المملكة منفذها البري مع قطر والذي كان يصل عبره حوالي نصف احتياجاتها من المواد الغذائية، كما أوقفت الإمارات ومصر والبحرين صادراتها إلى الدوحة. ولم تقتصر المقاطعة الخليجية المصرية على ارتفاع الأسعار بل تخطت ذلك لتلقي بظلالها على القطاع السياحي أيضًا الذي كان يشغل أكثر من نصفه سياح دول التعاون الخليجي. ومع استمرار التعنت الذي تبديه قطر في مواجهة المطالب التي قدمت إليها من دول المقاطعة يتوقع محللون أن تزداد التأثيرات السلبية ضراوة. وما يعزز هذه الفرضية دراسة لمركز المستقبل للأبحاث أكدت أن السوق القطري بدأ استشعار تداعيات الأزمة، وأنه فقد المقومات اللازمة للحفاظ على استقراره.