نظم نادي الأحساء الأدبي أمس الأول ضمن برامجه الرمضانية ندوة عن الأدب العربي في رمضان، تحدث فيها كل من د. أسامة عطية عثمان والشاعر إبراهيم منصور، وأدارها أستاذ البلاغة في كلية الآداب جامعة الملك فيصل د. محمد البدوي، تناول فيها الضيفان (الأدب الرمضاني بشقيه الشعر والنثر). واستعرض د. أسامة الجانب الشعري، بادئًا حديثه بنص لنزار قباني، وهو وإن كان نثرًا إلا أن صورته شعرية قال فيها: تجمع مصر حروف اسمها الجميل وتعيد تطريزه على حواشي منديلها المبلل بالدموع، تكتبه بالخط الكوفي العريض على جدار النهار، تسترده من قاع البحر، تلصق الميم إلى جانب الصاد. تلصق الصاد إلى جانب الراء. وفجأة تتدلى من سقف العالم نجفة من الزمرد الأخضر اسمها مصر. وذكر ان بعض النقاد يقفون من الشعر الرمضاني موقفًا مجانبًا بعلة أنه شعر مناسباتي، ولكن لو دققنا النظر لوجدنا أن أغلب الشعر العربي هو شعر مناسبات وأحداث، ومع ذلك فإن الشعر الرمضاني كان له جانب من العاطفة الكبيرة في قلوب الشعراء العرب ذلك لما في رمضان من روحانيات وأعمال. وقال د. أسامة إن الشعر مقياسه الصدق، ولن تجد أصدق من شاعر يتوجه بشعره إلى ربه وقد امتلأ قلبه بدعوات صادقة في أيام مباركة، ثم تناول الشعر الرمضاني عند شعراء الأحساء مستشهدا بثلاثة نماذج شعرية هما: جاسم عساكر، وعبدالله الخضير، ومحمود الحليبي، مفردًا لكل شاعر نموذجا قام بدراسته. وتناول الشاعر إبراهيم منصور الجانب النثري في الأدب العربي بادئًا بالقرآن الكريم ومحكم الآيات التي تحدثت عن رمضان، والحديث النبوي الشريف الذي يعتبر من جوامع الكلم فاختصر في كلمتين اثنتين جانبًا مهما من جوانب الدين وأركانه وكذلك جانب من حياتنا وصحتنا فقد قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (صوموا تصحوا). ثم عرج على تسمية رمضان عند العرب الذين كانوا يطلقون عليه «ناتقًا» ولكن كلاب بن مرة (أحد أجداد الرسول) سماه رمضان، مشتقًا من الرمض وهو شدة الحرارة. وقد تتبع ما ذكر في الشهر الفضيل من عصر بني أمية إلى العصر الحديث مستشهدًا بالحسن البصري حينما قال فيه: إن الله جعل رمضان مضمار الخلقة، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا. وفي عصر بني العباس ذكر دعاءً نقله ابن العميد: أسأل الله أن يعرفني بركته ويلقيني الخير في باقي أيامه وخاتمته، وأرغب إليه أن يقرب على الفلك دوره، ويقصر سيره، ويخفف حركته. أما بديع الزمان الهمذاني فقد قال فيه: فهو وإن عظمت بركته ثقيل حركته، وإن جل قدره بعيد قعره. ولرمضان في بني العباس عادات كثيرة استمرت إلى عصرنا الحديث منها (فن القوما) وهو ما يعرف اليوم بالمسحراتي في الدول العربية كافة، ولكنه أخذ أبعادا متعددة متنوعة في كل بلد تختلف أهازيجه وأشعاره من قطر إلى آخر. ويرى كثير من النقاد أن لرمضان عادات وعبادات لا تمارس إلا فيه منها كثرة قراءة القرآن وصلاة التراويح وإحياء ليلة القدر، وموائد الإفطار والسحور والمظاهر الاجتماعية الأخرى مثل (القرقيعان في الخليج العربي، أو خروج الأطفال بالفوانيس في مصر) عند منتصف الشهر الكريم. كل هذه الأعمال منحت الروائيين العرب الكثير من الصور والأخيلة والجماليات تناولوها في رواياتهم مثل نجيب محفوظ الذي صور رمضان في حي السيدة وخان الخليل، ونجيب الكيلاني الذي له رواية حملت عنوان رمضان هي: (رمضان حبيبي الله أكبر ولله الحمد). وقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي في كتابه أسواق الذهب عن رمضان: (الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع لله وخضوع، لكل فريضة حكمة وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكبر ويعلم الصبر ويسن خلال البر). هذا وفي ختام الأمسية سلم نائب رئيس مجلس النادي د. خالد الجريان الدروع التذكارية للضيفين شاكرًا لهما إضافاتهما الرائعة طالبًا منهما أن يكملا بحثيهما ليكونا كتابين يغنيان الأدباء في هذا الفن والباب الأدبي. المحاضران يتوسطان أعضاء أدبي الأحساء (اليوم)