لم تكن قطر متجانسة في كثير من الأوقات والملفات مع التوجهات الخليجية والعربية، وتغرد خارج السرب حيثما وجد عدو لدول مجلس التعاون أو العرب كانت إلى جواره، وبعد أن كان ذلك يتم في الباطن خلال الأعوام الماضية أصبح علنًا وعلى رؤوس الأشهاد، فهي بذلك جزء من العداء الذي يختبئ خلف الكلام المعسول وسلوك الدبلوماسية التي تظهر في بعض الأحيان خلاف ما تبطن. اعتادت قطر شق الصف الخليجي والعربي وما حدث أخيرا لن يكون الأخير، فهو في سياق سلسلة طويلة من الأزمات التي تفتعلها وتخرب بها أمن واستقرار وسلام جيرانها؛ لأنها تضع يدها مع الخليجيين والعرب فيما تضع الأخرى مع إيران وإسرائيل وكل عدو محتمل وكأن شعارها «عدو عدوي صديقي» وذلك لأنها تتعامل معنا كأعداء في حقيقتها ولسنا إخوة وأشقاء، لذلك يمكنها أن تتحالف مع الشيطان ضد كل ما هو خليجي وعربي. استعداء دول الخليج ليس من مصلحة قطر، ولا يمكن أن تكون إيران هي البديل الذي يحقق لها مصالحها، تلك حالة من العبث والوهم والزيف الذي يضر بالشعب القطري الذي لا يستحق هذا السلوك المتناقض الذي يجعله معزولا ومنبوذًا طالما استمرت قيادته في هذا النهج العشوائي لإدارة الدولة، فقطر تعلم يقينًا أن إيران ليست على وفاق مع دول الخليج أو غالب الدول العربية وأنها تمتلك مشروعات توسعية قومية لا علاقة لها بدين أو عقيدة، وبالتالي فهي تصطاد كل خارج عن الجماعة وتوهمه بأنها نافعته في حين تثبت حقائق التاريخ أن إيران غير مأمونة وتستخدم الآخرين من أجل الوصول الى غاياتها. ليس من مبرر على الإطلاق لارتماء قطر في أحضان إيران تحديدا لأنها العدو واصطفافها الى جانبها يعني الاتفاق معها على حساب أشقائها، وإذا سبق وتم تمرير ما يمكن وضعه في خانة الخيانة والغدر والكذب فهذه المرة لا يمكن تمريره؛ لأنه يأتي عقب إجماع إسلامي ودولي يستهدف ضمن عدة أهداف استراتيجية كبح الطموح الإيراني وعزلها وتعريتها أمام العالم بوصفها منبع إرهاب وداعما له، وحين تكون قطر بجانب هذه الدولة فإنها تكون بذلك قد اختارت وعليها أن تدفع الثمن هذه المرة. المجاهرة بالعلاقة مع إسرائيل ليست بقدر العلاقة مع إيران، فدولة الاحتلال يجري معها تفاوض متفق عليه عربيًا ويمكن الوصول الى سلام متوازن، ولكن في حالة إيران فإنها عدو كامل الدسم ولا توجد لديه نيات طيبة من أجل سلام جيرانه وإنه يعمل دوما وبشكل منهجي ومدروس من أجل إلحاق الأذى بجيرانه، كما أن مشروعاته التوسعية غير خافية لذلك يستخدم الدول الصغيرة في تفكيك المنظومة الجماعية والسيطرة عليها من أجل شق الصف العربي، وقد منحته قطر أكثر مما ينتظر، فماذا يتوقع منها سوءا أكثر مما فعلت؟