السؤال الاستراتيجي الذي يواجه الشركات العائلية لدى التحول إلى الإدارة المهنية الحديثة هو كيف تحافظ على الجوانب الإيجابية في الشركة العائلية مثل الالتزام والولاء والمبادرة، والريادة، والمكانة المرموقة للعائلة، وما إلى ذلك بصورة أكثر فعالية وبنفس الوقت تقوم بتبني القيم الحديثة في الإدارة القائمة على إشراك المهنيين وذوي الخبرة في الإدارة من خارج العائلة. يقترح الخبراء عددا من الاستراتيجيات التي تساعد على الانتقال للإدارة الحديثة وبنفس الوقت تحافظ على القيم العائلية. وهذه الاستراتيجيات مكملة لبعضها البعض، بمعني أنه يمكن تطبيق جميعها. وأولى هذه الاستراتيجيات الربط السليم لأهداف العائلة بأهداف العمل: إن الشركات العائلية الناجحة هي تلك التي تتمكن من إقامة علاقة وثيقة بين الأسرة والعمل من خلال تكريس ثقافة أن أهداف العائلة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تحققت الأهداف طويلة الأجل للشركة. وهذا سوف يعني ان مشاركة أعضاء العائلة في إدارة الشركة سيسمح بها طالما أنها تساهم في تعزيز قوة الشركة على المدى الطويل، أي إن انضمامهم فيه قيمة مضافة للشركة. وينبغي تبيان هذا المبدأ بوضوح عند بدء تنفيذ استراتيجية الانتقال نحو الإدارة المهنية الحديثة للشركة. الاستراتيجية الثانية متعلقة بتوظيف الأقارب: العديد من الشركات العائلية تبنت سياسات تقوم على عدم تعيين الأقارب على الإطلاق، بينما يقوم المؤسس بمساعدة الأسر المحتاجة فيهم وإيجاد وظائف لهم في أماكن أخرى. وقد تعتبر مثل هذه سياسة جامدة وغير مرنة. كما قد يكون هناك شخص مهني وكفؤ في العائلة أو الأقارب بحيث اختياره لن يتم على أساس صلته العائلية فقط. لذلك، وبدلا من وجود مثل تلك السياسة الصارمة، يمكن وضع سياسة للتوظيف تشير إلى إمكانية توظيف الأقارب شريطة أن يستوفوا الشروط والمعايير المهنية للتوظيف. إن هذه السياسة سوف تضمن تعاونا أفضل من الأهل والأقارب. وفي الوقت نفسه، لا يتم التضحية بالمعايير المهنية لحساب مصالح الشركة. الاستراتيجية الثالثة هي تجنب المحسوبية: في الشركات العائلية، يحصل أفراد العائلة كموظفين على العديد من المزايا التي لا لزوم لها. ومن أجل تجنب هذا الأمر، تضع الشركات العائلية الناجحة سياسات حازمة خاصة بشؤون الموظفين تطبق على كل الموظفين الأقارب وغير الأقارب. ويمكن القول بوضوح في سياسات شؤون الموظفين أن أي موظف سوف يعطى فرصا متكافئة للترقي اعتمادا فقط على كفاءته وجدارته. وسوف يخضع الموظفون سواء الأقارب أو غير الأقارب لتقييم للأداء ينفذ من قبل أشخاص مستقلين. وهذا من شأنه أن يساعد كثيرا الشركات العائلية على تجنب المحسوبية والمحاباة داخل الشركة. الاستراتيجية الرابعة هي هيكلة المهام. سيكون من غير الواقعي أن نتصور أن تبقى الشركات العائلية، وبغض النظر عن مدى نجاحها، قادرة على البقاء بعيدا عن بعض القضايا المتأصلة المتعلقة بشؤون العائلة وهي تتحول نحو الأخذ بأساليب الإدارة الحديثة. ومن الممكن أنه على الرغم من كل الجهود المبذولة لتجنب عدد من القضايا العائلية في مجال الأعمال التجارية، فإنها يمكن أن تستمر دون حل. في مثل هذه الحالة، ومن أجل الحفاظ على الأعمال بعيدا عن التأثيرات السلبية المحتملة، يمكن تصميم هيكل المهام الأساسية للشركة بطريقة تسهم في تقليل تلك التأثيرات. ومن أجل تحقيق ذلك يقترح الخبراء عددا من الخطوات. وأولى هذه الخطوات قيام المؤسس بتحديد تلك العمليات الحرجة المتعلقة ببقاء واستمرار الشركة. ومثل هذه العمليات يتم هيكلتها بحيث يتم إنجازها دون أي إزعاج بعيدا عن الصراعات بين أفراد العائلة أو بينهم وبين أقاربهم. ويجوز له منح الصلاحيات اللازمة للأشخاص الأكفاء في تنفيذها بحيث يصبح من غير الضروري أن يذهبوا للحصول على الموافقات المتكررة طالما أنهم ينفذونها وفقا للمبادئ التوجيهية الموضوعة. وثاني الخطوات أنه يمكن للشركة أن تضع خطة للاحتياطي البديل في تولي المهام المختلفة وذلك لمواجهة أي حالات طارئة تحدث بسبب عدم تعاون أفراد العائلة. ويمكن توظيف أفراد إضافيين يعملون في نفس الوظائف الحساسة التي يمكن أن تتأثر بسبب الصراعات العائلية أو بسبب عدم كفاءة أفراد العائلة الموكل لهم تنفيذ هذه الوظائف. وثالث هذه الخطوات، وأثناء القيام بهيكلة المهام، يجب تحديد تلك المجالات من العمل التي قد تشهد نزاعات بين أفراد العائلة. ويجوز في هذه المجالات توظيف المزيد من المهنيين. وبنفس الوقت يكلف أفراد العائلة العمل في تلك المجالات من العمل التي يكون فيها احتمال نشوب النزاع أقل. كما ينبغي على المؤسس أن يضع في اهتمامه دائما الحفاظ على الروح المعنوية وتحفيز الموظفين بحيث يستمرون في ولائهم للشركة. فمن المرجح أن يكونوا هم الوحيدين الذين سوف يواصلون أداء مهامهم بمستوى عال من المسؤولية في أوقات النزاعات والصراعات بين أفراد العائلة. كما أن على المؤسس بنفس الوقت أن يكون مستعدا لتقبل بعض الهفوات والأخطاء من أفراد العائلة وأن لا يتصور أنها سوف تنتهي بصورة كاملة وكلية. إن التسامح في بعض الأخطاء والهفوات من شأنه أن يساعد على تجنب القلق والتحزب والتكتلات داخل الشركة.