منذ أكثر من نصف قرن والمنتديات الثقافية في المملكة في حالة نمو، ومنذ مرحلة المربد الملحق الثقافي لصحيفة اليوم والمقاهي الثقافية شكلت في بنيتها مقهى ثقافيا مميزا في المنطقة الشرقية، ساهم في تكوين نكهة ثقافية طموح، وفي مناطق المملكة بدأ البعض من المهتمين بالمشهد الثقافي يُنظمون المقاهى الثقافية في مجالسهم، وأصبحت الصالونات الأدبية سمة تميز بعض المدن لحراكها الثقافي، وقد تكون اثنينية عبدالمقصود خوجة في جدة وسبتية حمد الجاسر في الرياض من أقدم المقاهي الثقافية في مملكتنا الغالية. وخلال العقدين الماضيين برزت العديد من المقاهي الثقافية تحت مسمى منتديات ثقافية، بعضها متواصل والبعض الآخر يتوقف ويواصل من جديد حسب مجريات الحياة، وهذه المنتديات لها نكهة خاصة في طبيعتها، بعضها متخصص في مجال الأدب والثقافة العامة وبعضها في عدة مجالات، وبعضها كيفما تأتي، غير مبرمجة بموضوعات محددة، وهي الأقرب للديوانيات. وقد برزت ظاهرة المقاهي الثقافية في المهرجانات، من ضمنها مهرجان الجنادرية في الرياض ومهرجان الدوخلة في سنابس الذي كان لفترة يهتم بشكل كبير، واستضاف شخصيات أدبية وشعراء وفنانين عمالقة في مجالاتهم، وكان الحضور لهذه الأمسيات كثيفا، أما المقهى الثقافي في مهرجان أيام الشارقة التراثية لهذا العام فيعتبر من أهم روافد الأيام التراثية، والذي أسس لحالة ثقافية متجددة، تخرج في نهاية الأمر على صيغة كتاب يوثق كل المحاضرات التي أقيمت لكل عام، وكان لي نصيب من المشاركة في مقهى الأيام الثقافية لهذا العام، وكنت قبلها أتابع بحرص كيف هو المقهى الثقافي في مثل هذه المهرجانات الشعبية، وهل يكون هناك إقبال جيد على سماع المحاضرات الثقافية، وكيف يضيف هذا المقهى وذاك للمجتمع، فوجدت أن الكثير من الفائدة تكمن في وجود المقاهي الثقافية، كان المقهى في البيت الغربي في المنطقة التراثية في الشارقة، وكان المرجو أن تكون هذه الفعاليات للمقهى في قلب المهرجان ليستفيد الزائرون من تلك المحاضرات والأمسيات الثقافية، ليكون المجتمع قريبا للهم الثقافي، لكن وجود المقهى في مكان بعيد عن صخب المهرجانات له فائدة كبيرة في التركيز والحوار. وتبقى المقاهي الثقافية الأهلية رافدا لثقافة كل مجتمع ولكل لون وفن.