استعاد الآف الأطفال السعوديين صبيحة عيد الأضحى المبارك طقساً متوارثاً منذ عقود طويلة، يعرف بين سكان المدن الساحلية في الخليج العربي ب «الدوخلة»، و «الدوخلة» إناء مصنوع من الخوص يحتوي على حبوب مثل الشعير والقمح التي تزرع قبل أسبوعين من يوم العيد، ويتولى الطفل الاعتناء بها إلى حين موعد رميها في البحر. ولوح الأطفال ب «الدوخلات»، وهم يرددون أهزوجة توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، يقول مطلعها: «دوخلتي حجي بي... حجي بي». وتعبر كلمات الأهزوجة وعملية الرمي عن رغبة لدى الطفل في أن يعود حجاج بيت الله سالمين غانمين من الديار المقدسة. وعلى رغم اصطباغ هذه العادة بالحج وارتباطها بيوم عيد الأضحى، فإن لها «أصولاً أقدم من ذلك وربما تسبق الإسلام»، وفقاً لمؤرخين وباحثين في علم الأنثروبولوجيا، إذ يُعتقد أن أجداد هؤلاء الأطفال كانوا يرمون النبتات في البحر في بدء مواسم الحصاد أو الزرع، متمنين «موسماً وفيراً». ولل «الدوخلة» في شرق السعودية مهرجان سنوي درج الأهالي على إقامته يوم عيد الأضحى، وتقام نسخته العاشرة هذا العام في رعاية «الحياة» التي واكبت الأطفال (من الجنسين) وهم يرمون «الدوخلات» في مياه بلدة سنابس شرق جزيرة تاروت مرددين الأهزوجة، لابسين أزياء تراثية. ولم يغب الكبار عن المناسبة، خصوصاً النساء والفتيات. ويستقطب المهرجان الذي يعد الأبرز على مستوى محافظة القطيف، خلال أيام إقامته التي تصل إلى أسبوع، 250 ألف زائر من داخل المحافظة وخارجها. ويقدر عدد المتطوعين في «الدوخلة» ب600 شاب وفتاة من مختلف الأعمار أصغرهم في السادسة، يفرغون أنفسهم لخدمة زائري المهرجان. وقال رئيس المهرجان حسن طلاق ل «الحياة»: «يقدم مهرجان هذا العام 18 نشاطاً منها القرية التراثية والتراث البحري والحرف اليدوية والمقهى الشعبي والمعارض الفنية». وعن القرية الشعبية التي تعد الأكثر استقطاباً في المهرجان، أوضح أن «القرية صممت هذا العام بطراز مختلف عن الأعوام السابقة. واستغرق بناؤها 40 يوماً على أيدي 20 متطوعاً، استخدموا في البناء خليطاً بين القديم والحديث ومواد الفلين والجص والخيش. وتحتوي القرية على أقسام عدة منها بيت العشيش، وبيت النوخذة (تاجر اللؤلؤ)، والسوق الشعبية». ولا يقتصر المهرجان على نشاطات تراثية، بل يقدم إلى جانب ذلك نشاطات ثقافية، مثل الأمسيات الأدبية التي تستقطب أسماء بارزة في عالم القصة والرواية والشعر والنقد على مستوى السعودية ودول الخليج، بينهم الروائي الكويتي إسماعيل فهد، والسعوديان فوزية أبو خالد وحسن السبع. وتشهد خشبة المسرح في المهرجان عروضاً مسرحية يشارك بها فنانون من دول الخليج. كما يقوم مهرجان «الدوخلة» بعرض أوبريت يومي بمشاركة أكثر من 60 ممثلاً مسرحياً من كل الفئات العمرية، يقدمون 10 لوحات تمثيلية ذات طابع وطني.