قال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ د. محمد العيسى: إن الممارسة السياسية كان لها دور مهم في إذكاء فتيل الإرهاب، أو إطفائه، عبر الثغرات والدور السالب في بعض الأحيان حيث مثل ذلك رهانا مهما في استراتيجية التطرف لتصعيد العاطفة الدينية، في نفوس أغرار سُذج، يَسهل استدراجُهم بأهازيجَ حماسيةٍ وصيحات وعظية، وقد يكون الفاعل الأول هو صاحب الثغرة، سواءٌ في ميول تطرفه المضاد؛ لنزعةِ كراهيةٍ، أو لحساب مساجلات سياسية، وهو ما أفرز لوثة الإسلاموفوبيا، أو في تدابيرِ مساوئ البراقماتية، التي لم تُعِرْ للعدالة بمعناها الشامل قيمة، وقد جعلتْ من قاصرِ الوَعي والنظر أهوجَ صائلا، مشهرا سيف تطرفه الأحمق، متدثرا زورا برداء الدين. وقال د. العيسى في افتتاح المؤتمر العالمي للسلام الذي نظمه الأزهر في القاهرة، بحضور عدد من الشخصيات الدينية والفكرية يمثلون تنوعا دينيا ومذهبيا وفكريا عالميا: إن السلام يمثل مقصدا عظيما في دين الإسلام، وهو لا يتحقق بمجرد نظريات تطرح، وحواراتٍ عابرةٍ تدار من حين لآخر، تأتي غالبها في سياق الأماني والادعاءات، بل لا بد من أثر ملموس، يسبقه عمل صادق فعَّال، حيث لن يتحقق ذلك إلا بمؤهلات السلام الحقيقية، من حب الخير للإنسانية، وسُمُو على كلِّ معنى من معاني استحواذ الذاتية، بطُغيان مطامعها المادية. ونبه العيسى بقيم السلام، منبها على مخاطر تفويته في زمن لم يَعُدْ يحتمل المزيد من المعاناة والآلام، خاصة وقد قابل شؤمَ التطرف الإرهابي تطرفٌ مضادٌّ، وخطابُ إقصاء كاره، أنتج سطحيةَ بل مجازفةَ الإسلاموفوبيا، وحَكَمَ بمعايير عشوائيتِهِ وكراهيتِهِ على مليار وستمائة مليون مسلم، بجريرة ما نسبته تطرف واحد من بين مائتي ألف نسمة هم على هَدي الاعتدال، جاهلا أو متجاهلا أن للتطرف في عموم الأديان وقائعَ تاريخية مؤلمة، تحضُر وتغيب في مد وجزر، من زمن لآخر. وأبان: ان صواب التشخيص والمعالجة يقودنا إلى حقيقة مهمة ندرك من خلالها أن ليس للتطرف والإرهاب مدرسةٌ دينية معينة، وأن عناصره تشكلت مؤخرا من مائة دولة ودولة، جنَّد منها خمسة وأربعين ألفَ مقاتل، من اتجاهات فكرية متعددة ذات هدف واحد، وعدد منهم ولد ونشأ وتعلم في بلاد غير إسلامية، وقد خرج من بلدٍ أوروبيٍّ واحدٍ ألفٌ وخمسمُائةِ مقاتلٍ، التحقوا بالإرهاب. وبيَّن أمين الرابطة أن خطأ التشخيص، وخطأ المعالجة، يقودُ لفصل تاريخيٍّ جديدٍ من الصدام الحضاريّ، وأضاف: ليت عالَمنا يستدعي ولو قدرا مُجْزيا لحفظ وعيه المعيشي، ليدرك أن التسليم الإيجابي بالفروق الطبيعية بين البشر مفض إلى الإيمان بسنة الخالق في الاختلاف والتنوع والتعددية. وأكد أن وحشية الإنسان إذا طغت أحالته إلى جنس آخر، والسوء المركب في هذا أنْ تُرْفع رايةُ حماية السلام العالمي ثم تَعْجَزَ تارة، أو تحضُرَ وتغيبَ في أخرى حيث لا سلامَ إذا ازدوجت المعايير، ولا سلام وقد هيمنت القوة بمنطق المادية وحده، فإذا لم يَسُدْ حِيَادُ العدالة ضاق بالسلام المكانُ والتمس غيرَه، ولا سلام إلا بصفاء وجدان، ولا سلام إلا بتسامُحٍ ووئامٍ، ينبُذُ خُلُقَ الكراهية البغيض، ويغرِسُ المحبة، ويحيل الأنانية إلى بذل وتضحية.