عن (الدار العربية للعلوم ناشرون) ببيروت صدر للشاعرة السعودية صباح فارسي، ديوان شعر بعنوان (توسد روحي) بطبعته الأولى، لغة (الكاتبة) من خلال (مؤلفها) هذا لغة قوية، متماسكة، تجمع فيما بين الأصالة وروح المعاصرة، ولذا جاءت سليمة تماما من الأخطاء اللغوية والنحوية والاملائية، التي لا تخلو من بعضها أو كلها مؤلفات كثير من الكتاب والمؤلفين والمبدعين في هذا الزمان، وهذا – بحد ذاته – مما يحسب لصالح الشاعرة. ويلاحظ القارئ هنا أنني قد وضعت كلمتي (الكاتبة) و(مؤلفها) بين قوسين، كي ألفت نظره الى أن ما قدمته لنا الكاتبة صباح فارسي من خلال (مؤلفها) ليس بشرط أن نطلق عليه اسم (شعر) أو أن نصنفه على أنه (ديوان شعر) وذلك حسب ما يقتضيه التصنيف التقليدي، أو التعريف (الكلاسيكي) للشعر في مفهومنا العام والسائد لهذا الفن!! ولكن الأصح – من وجهة نظري الشخصية التي أرجو من القراء احترامها – أن نطلق عليه (خواطر شعرية) أو (شعر منثور) وليس كما صنفه (الناشر) وجاء على غلافه الخارجي بأنه ديوان (شعر) وذلك لاحتوائه على (نصوص منثورة بأسلوب شعري) لا يتقيد ب (الوزن الموسيقي العروضي) أو ما يعرف بالموسيقى الخارجية لبحور الشعر العربي وتفعيلاتها المعروفة، ولكنه يهتم بالموسيقى الداخلية للمفردات، وبشيء من (التقفية) في كثير من الأحيان، والتي تحدث نوعا من الجرس الموسيقي في أذن المتلقي، حين يقرؤها أو يسمعها. فكلمة (كاتب) أعم وأشمل من كلمة (شاعر) التي هي أخص منها في الدلالة على معنى هذه الكلمة، وكذلك كلمة (مؤلف) بفتح اللام المشددة، هي أشمل وأعم أيضا من كلمة (ديوان) مما يعني – بالتالي – أن كل شاعر كاتب، ولكن ليس كل كاتب شاعرا، كما أن كل ديوان مؤلف، ولكن ليس كل مؤلف ديوانا!! وفي كلتا الحالتين يبقى ما قدمته لنا صباح فارسي أدبا راقيا، يعبر عن المرأة تعبيرا انسانيا جميلا ورائعا حقا!! سواء أطلقنا عليه اسم (شعر) أو(خواطر شعرية، أو شعر نثر) أو غيرها من المسميات الأخرى، المتعلقة بالحقول الابداعية وتجنيسها. إذن لا يهمنا – نحن كقراء أو متلقين – مثل هذه التصنيفات، أو التجنيس المقولب للإبداع، بقدر ما يهمنا الابداع نفسه، وموقعه من نفوسنا، وتأثيره في مشاعرنا وذائقتنا، الباحثة عن مكامن الجمال في النص الأدبي. وفي ختام حديثي عن هذا العمل، أقول ان كاتبته كانت جريئة في اقتحام مشاعر المرأة، والتعبير الصادق عن أحاسيس الأنثى الرافضة لامتهان أنوثتها، أو التطاول على إنسانيتها، أو التقليل من شأنها، ولها فلسفتها الخاصة التي تحدد العلاقة القائمة بين الرجل والمرأة، وما ينبغي أن تكون عليه هذه العلاقة من وجوب الاحترام بين الطرفين، وفق حدود إنسانية وشرعية وأخلاقية معينة، لا ينبغي تجاوزها، أو التعدي عليها، كما جاء في نص تحت عنوان (لحظة..) إذ تقول: (في الحب...من الجنون أن لا تتقن فن المسافة... أن تجاور حد الالتصاق... أن تنأى حتى الغياب... حتى تختلط الأمور فلا تعي هل البعد ما يؤجج اللهفة... أم أن القرب ما يسعر الرغبة وبين هذا وذاك... صدع يقتات من براكين الشوق... ولا يزيدها صقيع الابتعاد إلا شقاء..). الديوان: ص34.