بعد إعلان قائمة البوكر القصيرة، التي تتضمن ست روايات ضمنها رواية «موت صغير»، التي كنت قد انتهيت من قراءتها مع الروايات الأخرى كتبت هذه المقالة بنفس العنوان أعلاه متوقعا أن تحظى الرواية بالفوز. الثلاثاء الماضي أعلنت الجائزه وفازت الرواية: «موت صغير» هي الرواية الأخيرة للروائي السعودي محمد علوان، التي لم يدهشني أن أراها ضمن القائمة القصيرة للبوكر العربية التي أعلنت مؤخرا، بل وأتوقع أن تحظى بالفوز بالجائزة وفق قراءتي لها ووفق الجهد الذي بذله الروائي لكتابتها، فهي رواية تتكئ على الوعي الشديد بشخصية بطلها وسيرته التي طرحها البعض من وجهات نظر مختلفة ومتباينة، وتلمس أفكاره وإبداعاته الشعرية والفكرية وتصوفه ورحلاته وعاطفته وعلاقته بالآخر، الذي يتفق أو يختلف معه. الرواية التي أوقفتني أمامها طويلا جاءت مغايرة لابداعات الكاتب السابقة، فقد اتخذت منحى آخر ربما يراه البعض متفقا مع أطروحات روائية لكتاب مثل أمين معلوف أو جيلبيرت سينية أو غيرهما، ولكني هنا لا أتوقف عند ذلك، وانما رغم معرفتي بتاريخ شيخ المتصوفة العرب محيي الدين ابن عربي وسيرته إلا أنني نحيت ذلك جانبا مدركا أنني أمام عمل روائي تنسجه مخيلة الروائي بعيدا عن واقعيته، فالرواية مسار لمخطوط متخيل كتبه ابن عربي عن سيرته وتنقل من عصر الى عصر ليصل الى يد باحثة حصلت من خلاله على درجة الدكتوراة، وكان البطل هو ابن عربي الذي تمكن محمد علوان من أن يجسد أدق تفاصيل حياته في الحب الإلهي وفي الحب وفي الألم وفي علاقته بأسرته ورفقته وفي صداقاته وتجلياته وحتى في خطاياه. فن الرواية الذي أتقنه علوان تجلى واضحا في اللغة وفي السرد وفي الوصف وفي ربط الأحداث رغم أنه يعرف ان ثمة مقارنات سيجسدها القارئ والناقد والباحث تتمثل في السيرة الروائية والسيرة، التي جسدها المؤرخون والمختلفون مع فكر ورؤية ابن عربي، ولكننا نشير الى أننا أمام عمل روائي وليس سيرة ذاتية تتوخى الواقع والحقائق والموثوقية، فالرواية في كل تجلياتها عمل متخيل يتكئ على الواقع الذي نسجه المبدع ونسج عبره أحداث روايته، وعلوان يدرك ذلك وتجلى هذا الادراك في لغته التصويرية والوصفية وشاعريتها وفي ربطه للأحداث والغوص في أعماق الشخصية بوعي لا بعاطفة تتكئ فقط على المشاعر.