مازالت المؤسسات الخيرية حتى وقتنا الراهن تواجه اتهامات بدعم وتمويل الإرهاب، منذ أحداث سبتمبر 2011م، فمن ذاك الوقت تأثر العمل الخيري والتطوعي، وتعرضت كبرى المؤسسات العاملة فيه إما للإغلاق أو تحجيم أدوارها، رغم ابتعاد تلك المؤسسات خاصة الخليجية منها عن تلك التهمة تماما. وفي التقرير الذي نشرته وكالة الأنباء العالمية رويترز بعنوان «المؤسسات الخيرية وتمويل الإرهاب» منذ عامين تقريبا، وضع الباحث بول كوشرين يده على الجرح، وتوصل بعد الكثير من النقاط إلى أن خروج المؤسسات الخيرية من هذا النفق يعتمد على أربع نقاط، جاء في مقدمتها: «التوعية بقطاع الأعمال التطوعية»، وذلك للتعريف بهذا القطاع الهام الحيوي، وإزالة ما علق به من شوائب. هذا يشير بوضوح إلى أهمية دور العلاقات العامة - خاصة تلك العاملة بالمؤسسات الخيرية-، للتعريف بما تقوم به من أنشطة تطوعية تخدم المجتمعات التي تعمل فيها، وتفصح من خلال البيانات والنشرات التي يقوم عليها فريق العلاقات عن أوجه التمويل التي تتلقاها تلك المؤسسات بشفافية ووضوح كاملين، حتى لا يكون هناك مدخل لتشويه عمل تلك المؤسسات، أو التعريض بها، أو توجيه الاتهامات لها بين الحين والآخر. والملاحظ منذ سنوات عدة أن العلاقات العامة كجهاز إعلامي بات له دور ملحوظ في ربط المؤسسة أو المنشأة الخيرية بمن يهتمون بتفعيل الدور الخيري للمجتمع، وترسيخ قيم التكاتف الاجتماعي التي حض عليها ديننا الكريم، بالإضافة إلى تعرف الأفراد والمجتمع على القضايا التي تتناولها، ولا يقتصر هذا الدور على التعريف بأنشطة الجمعية فحسب، بل يمتد لإنشاء صورة ذهنية إيجابية للجمعية أو المؤسسة لدى المجتمع الخارجي. ونظرا لتلك الأهمية المتصاعدة فإن الأمر أيضا بحاجة إلى زيادة البحوث العلمية التي تفتقر إليها المكتبة العربية عن دور العلاقات العامة في توضيح صورة المؤسسات والجمعيات الخيرية، فهذا من شأنه تكريس الاهتمام بهذا المجال ويفتح له آفاقا مستقبلية واسعة هدفها الفعلي التقريب الفعال بين العلاقات العامة كأداة للتواصل وبين المجتمع ككل كمتلق للرسالة الإعلامية للجمعية الخيرية. ولأن دور الإعلام باختلاف أنواعه يعد حيويا وضروريا وهاما فإن تركيزه على الحراك البحثي العلمي في هذا الشأن من شأنه أن يخرج بالجمعيات والمؤسسات الخيرية من الإطار القديم المرصود لها إلى إطار نافذ أكثر شمولية واتساعا، فينتج عنه التمازج البناء بين تلك الجمعيات والوطن، كما يسهم ذلك في التغيير الجذري للطريقة التقليدية التي تمضي عليها معظم أقسام العلاقات العامة في العمل داخل الجمعيات، فمنها تنبثق روح العمل الأكثر ارتباطا بأدوات العصر الحديث، وعقلية من يعيشون فيه. همسة.. نحن بحاجة لدور فعال للعلاقات العامة والإعلام في مساندة هذا القطاع الحيوي، والذود عنه بمنهجية علمية ذات عمق بيِّن وصحيحة.