أضحى العمل التطوعي مطلباً ملحاً في كثير من جوانب الحياة، واصبحت الجمعيات الخيرية تؤدي عملاً مكملاً لما تقوم به مؤسسات الدولة، وإن كان المجتمع السعودي عرف الجمعيات الخيرية المتخصصة في تقديم العون المادي ومساعدة المعوزين والفقراء قديماً، إلاّ أن المجال الصحي وجد مؤخراً إقبالاً متدرجاً من أفراد المجتمع كمتطوعين أفراداً ومؤسسات، وعبر إنشاء الجمعيات ذات التوجهات المحدودة في المجال الصحي الخيري، والتي تنوعت بين خدمات صحية مباشرة وغير مباشرة، وشملت عدة تخصصات تهم الجانب الخيري الصحي مثل جمعيات السرطان، ومكافحة المخدرات، والتوعية الصحية، ومرضى الكلى، والأطفال المعاقين ولجان اصدقاء المرضى والهلال الاحمر وغيرها. وعلى الرغم من أن عمل هذه الجمعيات الخيرية الصحية ينطلق من مبدأ تقديم عون صحي للمحتاجين، خاصة ولجميع افراد المجتمع عامة، وهي بدأت تتكاثر في السنوات الأخيرة، إلاّ أنها تعاني من عدة معوقات تهدد بفشلها وينقصها الكثير لتصل إلى المستوى المأمول منها، ولديها الكثير من المصاعب التي تحول دون قيامها بدورها الأساسي، ومن ذلك أن غالبيتها تقوم على أساس جهد فردي، أو رؤية شخص متحمس، وأيضاً عدم وضوح المرجعية القانونية لها؛ فهل من الأفضل أن تبقى تبعيتها لوزارة الشؤون الاجتماعية أم تنتقل لوزارة الصحة أم ينشئ لها مرجعية خاصة؟، إلى جانب ضعف مفهوم التطوع لدى المجتمع، ثم تمركز هذه الجمعيات في مناطق محدودة وعدم شموليتها وانتشارها في المناطق التي قد تكون في حاجة ماسة لأعمالها الخيرية الصحية. وفي الطرف الآخر هناك الجمعيات الصحية العلمية التي تتبع لوزارة التعليم العالي، أو هيئة التخصصات الصحية؛ فهذه الجمعيات تعد غير واضحة المعالم؛ فهي تقدم خدماتها العلمية والأكاديمية التي تهم المتخصصين في مجالها، ووضع ضمن أهدافها خدمة المجتمع، ولكن شروطها تحول دون تشجع المتطوعين من الانضمام إليها؛ لأنها تحتكر إدارتها وعملها عن طريق الجامعات أو هيئة التخصصات الصحية، ومساهمة غير الأكاديميين بها تكون بالعضوية أو حضور بعض الندوات التي تنظمها. ورغبة في اثراء النقاش حول عمل هذه الجمعيات الخيرية الصحية، وبمناسبة انعقاد الملتقى الأول للجمعيات الصحية الخيرية الذي تنظمه وزارة الصحة ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية السبت المقبل؛ عقدت"الرياض" ندوتها لهذا الأسبوع حول هذا الموضوع، والذي تناول العديد من المحاور، أهمها: ماهية الجمعيات الخيرية الصحية، ومستوى تنظيمها وعلاقتها بمؤسسات المجتمع، ومعوقات العمل والحلول، والرؤية المستقبلية لعملها. نحتاج إلى سرعة إصدار «النظام الوطني للتطوع» وتشكيل «مجلس تنسيقي للجمعيات» وتحديد مرجعيتها القانونية وتطوير مهارات العاملين خدمة المجتمع في البداية يقول "د.السويلم" إن الجمعيات الخيرية الصحية؛ هي "الجمعيات التي تخدم المجتمع في الجانب الصحي بشكل خيري، وتقدم خدمات لأفراد المجتمع من المحتاجين لها صحياً"، ومن هذا المنطلق تبرز أهميتها وسمو أهدافها النبيلة وضرورة دعمها، مشيراً إلى أن المملكة تحتضن -ولله الحمد- العديد من الجمعيات الخيرية الصحية التي تتنوع نشاطاتها ومراكزها، وتشمل جوانب عدة، وتقوم بدور تكميلي للأدوار التي تقدمها المستشفيات والجهات الصحية، ولا تعكس بالضرورة تقصيراً من الجهات الحكومية، ولكنها جمعيات منتشرة، وهناك تجارب عالمية ناجحة وخاصة في الدول المتقدمة طبياً لقيام هذه الجمعيات بأدوار تكاملية ضمن نطاق المجتمع المدني ومشاركة جميع الجهات في خدمة المجتمع. نشاطات خيرية ويرى "د.الحبيب" أن الجمعيات الخيرية الصحية هي "الجمعيات التي تخضع لنظام وزارة الشؤون الاجتماعية، وتقدم خدمة صحية مباشرة أو غير مباشرة". وقال: اعتبرنا في الملتقى الأول للجمعيات الصحية الخيرية أن المعني هو الجمعيات التي هي في الأساس جمعيات خيرية صحية، وليس لها نشاطات خيرية أخرى، وعددها في المملكة حوالي 40 جمعية خيرية متخصصة في العمل الصحي، ووجود هذه الجمعيات الصحية الخيرية هو مكمل لعمل الجهود الصحية التي تقوم بها وزارة الصحة. د. الحبيب: التطوع لايزال جديداً على المجتمع ويحتاج إلى توعية أكثر 50 جمعية بينما يرى "د.السويلم" أن عدد الجمعيات الصحية الخيرية التي ذكرها "د.الحبيب" بسيط مقارنة بالجمعيات التي لها خدمات صحية بالمجتمع. وقال:"إن عدد الجمعيات الخيرية الصحية المعتمدة من وزارة الشؤون الاجتماعية هي حوالي 50 جمعية بما فيها جمعيات المعاقين وفئاتها، وهناك جمعيات علمية تقدم خدمات ومساعدات طبية مثل جمعية العيون؛ فهي عندما تقدم خدمات ومساعدات طبية داخل المملكة وخارجها فهي تقدم عمل خيري صحي، وأعضاء مجلس إدارتها هم من المتطوعين، وأيضا مثل جمعية مكافحة السرطان فعندما وضعنا فكرتها كانت لخدمة مرضى السرطان، وأصبحت حالياً تجمع المتخصصين بالسرطان؛ ولذلك فإن الحصر الأشمل للجمعيات الصحية الخيرية لابد أن يشمل حوالي 27 جمعية طبية موافق عليها من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، و38 جمعية علمية وخدمة مجتمع في الجامعات، و20 لجنة لأصدقاء المرضى في أنحاء المملكة، بالإضافة إلى الخمسين جمعية ذات التخصص المحدود في الخدمات الصحية، وبذلك تكون حوالي 135 جمعية خيرية صحية بالمملكة. د.الأنصاري: الخدمة الصحية الخيرية مكلفة مادياً وبشرياً وتنتظر الدعم العمل الصحي مكلف من جانبه يرى "د.المقوشي" أن المملكة تحتضن جمعيات صحية خيرية هادفة وذات محتوى خدمي مفيد للمجتمع، إلى جانب أن المسؤولين يدعمون العمل الخيري الصحي. وقال: "من خلال عملي بالعديد من الجمعيات الخيرية الصحية، خاصة مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية أرى أن المسؤولين -ولله الحمد- داعمون بقوة للعمل الخيري الصحي، ومن تجربتي فإن إنشاء أي عمل خيري صحي هو أمر مكلف مادياً، ولكن حب خدمة المجتمع وابتغاء الأجر كان هو الداعم القوي لإنشاء مثل هذه المشروعات؛ فمثلاً مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الانسانية هي في حد ذاتها كانت تحدياً كبيراً، وهي تعد الآن إنجازاً واضحاً لخدمة المجتمع، فقد تم إنشاؤها كمستشفى تأهيل ومركز طبي وفق رؤية "أن نكون صرحاً عالمياً متميزاً في التأهيل وخدمات الرعاية الطبية ذات العلاقة ومدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية هي أحد مشروعات مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، وهي مركز تأهيلي طبي يشتمل على 400 سرير، وتقدم الرعاية المطلوبة لكل من المرضى المنومين وغير المنومين، كما تقدم المدينة للمرضى والمراجعين أفضل مستوى من الرعاية الطبية من خلال أطباء ذوي كفاءة عالية, ومعالجين فيزيائيين, وممرضين, وهيئة طبية مساعدة، وسعياً نحو تحقيق رسالة سامية هي: (مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم)، و بهذا لن يكون المرضى بحاجة إلى الذهاب إلى مكان آخر خارج المملكة. د.سعاد: تزايد «الجمعيات الخيرية» دليل تطور المجتمع وتكامله.. المشاكل المالية ويوافقه الرأي "د.الانصاري" الذي يرى أن تقديم خدمة صحية خيرية تكون غالباً ذات كلفة مادية وبشرية عالية؛ لأنها تعني بصحة البشر، ويقول: من هذا المنطلق نجد أن الكثير من الجمعيات الخيرية الصحية تعاني من ضعف مواردها المالية قياساً بالكلفة العالية لبرامجها، كما تعد المشاكل المالية عائقاً كبيراً في عمل هذه الجمعيات الخيرية الصحية. التجاوب والدعم هما الأساس أما "د. سعاد" فترى أن للجمعيات الصحية الخيرية أهمية كبيرة في المجتمعات، ووجود توجه لافتتاح جمعيات خيرية صحية داخل المملكة هو أمر إيجابي، ويدل على تطور المجتمع وتكامله. وقالت:"عندما كنت أدرس خارج المملكة استوقفتني كثيراً الجمعيات الصحية الخيرية التي تقدم خدماتها الصحية للمجتمع رغم تطوره الصحي، ووجدت أن جهودها وبرامجها هي مكملة لجهود الجهات المسؤولة الأخرى، وأنها تجد دعماً من الحكومات ومن المجتمع هناك، ولذلك كان لدي اهتمام بهذا الجانب، حيث عملت بعد عودتي على تأسيس جمعية زهرة لسرطان الثدي، وهي جمعية تعمل على تنفيذ البرامج التوعوية بسرطان الثدي، وبرامج المسح الشامل في المملكة، وتوجيه المصابات والمصابين للجهات المتخصصة؛ لتقديم الخدمات لهم وتلبية احتياجاتهم، ودعم الدراسات العلمية لتوضيح مدى انتشار أسباب سرطان الثدي عند السيدات في المملكة، ووضع بعض الأسس الناتجة لترجمة نوعية هذا المرض في مجتمعنا، وتطوير الكفاءات السعودية في مجالات الأبحاث الخاصة بسرطان الثدي مع تفعيل البرامج التدريبية والتعليمية وبرامج الابتعاث والمساعدة في إيجاد الروابط بين العلماء والمتخصصين ذوي العلاقة للمشاركة في نشاطات الجمعية"، مشيرة إلى أنها وجدت تجاوباً كبيراً من أفراد المجتمع مع هذه الجمعية، كما وجدنا دعماً من المسؤولين لإنشائها. د.السويلم: «المعونات المادية» متواضعة ولا ترقى إلى مستوى الطموحات وتلبية الاحتياجات المستقبلية معوقات مالية وإدارية معاً وحول المعوقات التي تواجه الجمعيات الخيرية الصحية يشير "د.السويلم" إلى أن غالبية هذه المعوقات هي مالية وإدارية، ويقول: "هناك معاناة كبيرة وحاجة ملحة لدعم هذه الجمعيات مادياً، فمثلاً الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا تقدم دعماً مالياً للجمعيات الخيرية الصحية لديها لتقوم بعملها، وتعفى من بعض الضرائب دعماً لها، ونحن في حاجة أكبر من هذه الدول لهذه الجمعيات". وأضاف:"نعم هناك دعم يقدم من الدولة، وتجاوب كريم من المجتمع، واسهامات طيبة من مؤسسات خاصة، إلاّ أن هذه المعونات لا ترقى إلى مستوى الطموحات ولا تلبي كل الاحتياجات، ولا تحقق التطور المنشود". وأشار إلى أن دعم هذه الجمعيات أمر ضروري، كما أن هناك معوقات في العمل الإداري لهذه الجمعيات؛ فينقصها المتطوعون، فمثلا كان في السابق يسمح لموظفي الدولة بالعمل في الجمعيات الخيرية عبر تكليفهم وتفريغهم، وهو يعد دعماً كبيراً لهذه الجمعيات، ولكن القرار لم يعد فاعلاً، ولذا لاتزال الجمعيات تعاني من عبء مادي وإداري كبيرين. مشكلة التمويل ويوافقه الرأي "د.الحبيب"، وقال: أكبر مشكلة تواجهها هذه الجمعيات هي مشكلة التمويل، وهي عائق كبير أمام هذه الجمعيات، والعمل مكلف كثيراً، وهو عمل متطور ومتغير باستمرار، ولكن يبقى التميز هو في المصداقية التي تبنتها كل جمعية، ووجود شخصيات عاملة ذات مصداقية في العمل بما يعزز دور كل جمعية. دور "الشؤون الاجتماعية" ويرى "د.الأنصاري" أن من أبرز العوائق التي تعيق عمل الجمعيات الخيرية الصحية، هي: المشاكل المالية والإدارية التي تعاني منها الجمعيات، ثم ضعف القناعة في الاستثمار في تنمية الموارد البشرية، وضعف ثقافة المجتمع حتى بين المثقفين وصناع القرار في شأن الجمعيات الصحية الخيرية. وقال:"إن الجمعيات الخيرية تعاني في كثير من الحالات من ضعف في مواردها البشرية وكذلك المالية، والجمعيات المتميزة لا تعاني من هذا الموضوع بشكل كبير، ومن هنا أعتقد أن على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تعمل جاهدة على تطوير وتنمية قدرات تلك الجمعيات؛ لتبعدها عن مفهوم العمل الاجتهادي والإدارة الاجتهادية (إدارة الفزعة) إلى موظفين مهنيين أكفاء يستطيعون قيادة العمل فيها، من خلال أفكار مبتكرة وإبداعية وذات تميز في الفكرة والتنفيذ، ونحن في جهات العمل الخيري نعاني من مسألة رسم البرامج وتصميمها ومن ثم تسويقها بالطريقة الصحيحة والمناسبة". 135 جمعية تتركز في مناطق محددة ولا تراعي «حاجة البسطاء» في بقية المدن والمحافظات العلاقة مع الجهات الحكومية وفي جانب العلاقة مع الجهات المسؤولة يرى "د.الأنصاري" أن العلاقة مع بعض الجهات الحكومية تعاني من البيروقراطية، خاصة في تعاملها مع الجمعيات الخيرية الصحية، فمثلاً القطاعات الصحية الحكومية تطالب المتطوعين بالاستئدان الرسمي قبل التطوع، ولو كان التطوع أثناء إجازتهم الخاصة وهذا يحد من أعمالهم التطوعية، وينعكس سلباً على الجمعيات الخيرية الصحية، مؤكداً على أن العديد من الجهات كانت لاتدعم العمل الخيري الصحي داخل المملكة سابقاً، بل ولديها حساسية كبيرة من هذا العمل. وعلى العكس تماماً تمتدح "د.سعاد" علاقة جمعية زهرة لسرطان الثدي بجميع الجهات الحكومية، مشيرة إلى أن هذه الجهات قدمت لها كل مايمكن أن تقدمه ولم تجد أي عوائق منها عند تسجيل الجمعية أو في نشاطاتها. جمعية زهرة لسرطان الثدي تطلق حملتها التوعوية في جدة رأي آخر كما يقول "د.الحبيب" أن الجهات الحكومية لديها مسؤولياتها أيضاً، وهناك تواصل وتنسيق بينها وبين العديد من الجمعيات الخيرية الصحية، ولكن الملاحظ أن بعض الجمعيات الخيرية الصحية لم تستطع إيصال رسالتها بشكل واضح. ويعارض "د.المقوشي": الحديث عن وجود عوائق من الجهات الحكومية للترخيص للجمعيات الخيرية الصحية، ويقول: شخصياً لا أعتقد أن هذا الطرح دقيق.. بل على العكس من ذلك أعتقد أن الجهات الحكومية تعمل دائماً على تسهيل الإجراءات، وتيسير سبل تأسيس الجمعيات التي تمثّل مؤسسات مجتمع مدني يشير تواجدها إلى نمو المجتمع ونضوجه وتطوره.. والمراقب العادل للنمو في أعداد الجمعيات الخيرية والعلمية على مساحة هذا الوطن العزيز؛ يلاحظ بشكل واضح وجلي أن الدولة ممثلة في الوزارات والهيئات المعنية تعمل على تيسير وتسهيل تحقيق ذلك، والدليل على ذلك القفزة الكبيرة جدا في أعداد الجمعيات الخيرية، وهذا النمو الواضح الذي يأتي تماشياً مع النمو الاجتماعي الذي يعيشه الوطن العزيز. د.المقوشي: «الشؤون الاجتماعية» تقدم السمك للقطاع الخيري ولم تفكر يوماً أن تمنحهم «السّنارة»! تصويب الرفض! ويعارض "د.السويلم" وجود رفض لعمل الجمعيات الصحية داخل المملكة في السابق، ويقول: ليس صحيحاً والدليل أن لدينا عطاءات منذ القدم، فعطاءات المجتمع المدني كانت موجودة في المجال الصحي، وكانت جمعيات البر مثلاً تقدم عملاً خيرياً صحياً، وكانت في كل منطقة جمعية صحية متخصصة، وكذلك لجان أصدقاء المرضى وغيرها، والآن أصبحت هناك جمعيات ذات مستوى متطور، ومثال على هذه الجمعيات جمعية الأمير فهد بن سلمان لمرضى الفشل الكلوي (كلانا)، وهي تجد دعماً من الفرد والمجتمع ومؤسسات الدولة نظير تميزها وجودة عملها. التطوع..الحاضر الغائب وفي شأن غياب مفهوم التطوع في المجتمع، طالب "د.السويلم" وسائل الإعلام بالقيام بدوره في جانب توعية أفراد المجتمع نحو التطوع، ودعم الجمعيات الخيرية، وقال:"إن الإعلام مقصر في هذا الجانب، خاصة تجاه التوعية بأهمية التطوع في المجتمع، وتحديداً الجمعيات الصحية الخيرية"، مشيراً إلى أن على الإعلام مسؤولية كبيرة، ونحن بحاجة إلى إعلام متخصص في الجانب الخيري، خاصة في الجانب الخيري الصحي؛ لإبراز الجهود التي تقدمها هذه الجمعيات. وأضاف: لا يوجد حالياً في مجال التطوع "ثقافة كافية" لتعزيزها في المجتمع، كما لايوجد نظام تطوع معتمد من الحكومة، حيث أنهى مجلس الشورى إعداد نظام التطوع ولكنه لم يعتمد بعد، وهو يحتوي على عدة إيجابيات، وينتظر منه عند تطبيقه المساهمة في دعم الأعمال التطوعية، حيث يحدد النظام الواجبات والحقوق ويعمل على إيجاد جهة مختصة بتنظيم التطوع في المجتمع وبه العديد من المزايا. وأشار إلى أنه لا توجد لدينا برامج لإعداد المتطوعين وتدريبهم وتأهيلهم للإفادة منهم، ولا توجد لدينا مراكز معلومات عن القدرات التي نمتلكها من إمكانات بشرية ومادية وتجهيزات للإفادة منها وقت الأزمات؛ رغم أن المملكة من أكثر دول العالم إسهاماً في الأعمال الإنسانية قياساً بدخلها القومي، وهي جزء من قيم الأمة وتراثها وعقيدتها، والمملكة تلتزم بالأعمال الإنسانية باعتبارها واجباً شرعياً، كما أن الدولة وقيادتها والأسرة الحاكمة قدوة في العمل الإنساني والإغاثي. المشاركون في الندوة يؤكدون أهمية تمويل الحكومة للجمعيات الصحية الخيرية «عدسة- صالح الجميعة» تكثيف برامج التطوع كما ترى "د.سعاد" أن التطوع ثقافة غائبة عند الجنسين سواء، ولابد من تعزيز العمل الخيري الصحي، ودعم برامج التطوع، من خلال تكثيف الحملات الإعلامية الموجهة لأفراد المجتمع؛ لتوعيتهم بأهمية التطوع وبرامجه وسبله. أما "د.الانصاري" فيؤكد وجود مفهوم التطوع، ولكن بشكل ضئيل وضعيف، ويرجع الأسباب إلى ضعف دور المدارس والجامعات في تنمية مفاهيم وممارسات التطوع، كما يعد العنصر البشري من أهم العناصر في أي عمل تطوعي، مشيراً إلى أن العمل الصحي الخيري يواجه تحدياً كبيراً في استقطاب الكفاءات، وغرس مفاهيم العمل الصحي التطوعي، ولكنه يرى من تجربة اللجنة الطبية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي -التي حاولت استهداف فئة الطلاب في الكليات الطبية والعمل على تدريبهم وإكسابهم مهارات العمل الصحي الخيري- أن هناك العديد من النتائج المميزة والمشجعة. الملتقى الأول ويتفق "د.الحبيب" مع عرض هذه المشكلة، ويواصل الحديث عنها، قائلاً: "العمل الخيري الصحي عمل جديد وحديث على المجتمع، والقطاع الصحي قطاع ناشئ وصعب، ويواجه تحديات كثيرة، إلاّ أن هناك انطلاقات فاعلة للجمعيات الخيرية الصحية بالمملكة". وأضاف أن الملتقى الأول للجمعيات الصحية الخيرية الذي تنظمه وزارة الصحة ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية السبت المقبل؛ يهدف إلى تعزيز مفهوم التطوع، بالإضافة إلى أهداف عدة، منها نشر الوعي بالخدمات الصحية التطوعية والتعريف بالجهات التي تقدمها، وتبادل الخبرات بين الجمعيات والجهات الخيرية العاملة في المجال الصحي، ووضع وتطوير معايير لجودة تقديم الخدمات الصحية التطوعية، والعمل على تنسيق جهود الجمعيات فيما بينها من جهة ومع الجهود الحكومية من جهة أخرى، وبرنامج الملتقى سيكون بحضور نخبة من الخبراء ووجهاء المجتمع والعمل الصحي الخيري، وسيتم خلاله استعراض التجارب الناجحة في العمل الصحي الخيري، ودراسة العوائق التي تحد دون تطور جمعيات الخدمة الصحية الخيرية، وسبل الاستثمار والتطوير المالي والإداري لها، حيث تم اعتماد البرنامج من هيئة التخصصات الصحية بواقع 12 ساعة تدريبية. ويدافع "د.المقوشي" عن دور وسائل الإعلام، ويرجع الأسباب إلى ضعف وعدم قدرة الجمعيات على إنجاح برامجها الإعلامية، وقال: "هذا اتهام باطل وفيه الكثير من الحيف والظلم للقطاع الإعلامي الوطني الذي ساند ولا يزال يساند الجهد الوطني الحكومي والخيري الفاعل في تحقيق خطط التنمية التي يعيشها الوطن العزيز، وعندما اتحدث عن ذلك؛ فإنني أتحدث من خلال تجربة كما ذكرت، وكذلك من خلال دراسات أكاديمية فقد أجريت أول دراسة على مستوى الوطن العربي عن تغطية الصحافة السعودية لقضايا الإعاقة، حيث أوضحت تلك الدراسة التي مهدت لدراسات أخرى في هذا المجال المهم أن القطاع الإعلامي لم يبخل على القطاع الخيري في تكثيف التغطية الإعلامية عنه، بل إن الصحافة أفردت لأخبار وموضوعات القطاع الخيري المساحات الكافية وأعطتها الاهتمام والعناية الكافية، كما احتلت المقالات والأخبار والتغطيات والتحقيقات مساحات وطروحات متميزة قدمت خدمة فاعلة ومساندة واضحة لمنشآت العمل الخيرية، وإثارة واضحة لقضاياه المختلفة". وأضاف أن المشكلة تكمن في أن القطاع الخيري لم يعرف كيف يستثمر الإعلام المحلي لخدمة قضيته الخيرية، كما أن القطاع الخيري؛ بسبب عدم وجود كفاءات إعلامية تعمل فيه لم يعرف كيف يتواصل مع القطاع الاعلامي ويتفاعل معه، وهنا تكمن المشكلة التي أحملها كاملة على القطاع الخيري، ويبقى السؤال: ما الحل؟؛ والجواب أن المسؤولية تقع أيضاً على عاتق وزارة الشئون الاجتماعية التي يجب أن تعمل على تطوير قدرات العاملين في القطاع الخيري من الناحية الإعلامية ومن الناحية الإدارية ومن ناحية الحوكمة، وكذلك من ناحية جلب وتنمية الموارد المالية والأوقاف، وأظن أن عتبي على الشؤون الاجتماعية أن لا تمنح القطاع الخيري "السمك" فقط، بل عليها أن تكون أكثر ديناميكية بحيث تمنحهم "السنارة" أيضاً. تجربة مميزة ويقول"د.المقوشي" إن الجمعيات الصحية التي تم تأسيسها على أسس وقواعد واضحة ومتينة تحقق الكثير من النجاح، أما تلك الجمعيات التي تمثّل أعمالاً اجتهادية فردية فمصيرها إلى الزوال، أو أن تكون جمعيات هزيلة غير قادرة على إثبات نفسها وتحقيق أهدافها التي تم رسمها من قبل المتحمسين لفكرتها. ولنا في الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر التي تحظى بشرف رئاستها الفخرية من قبل صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز آل سعود نائب وزير الداخلية أروع الأمثلة؛ فقد عملت هذه الجمعية الناشئة على التعرف على أهداف الجمعيات العالمية المتميزة في مجالها، ومن ثم عملت على تنفيذ ورش عمل للمهتمين والمتخصصين من خلال شركة عالمية رائدة في بناء الإستراتيجيات والخطط التنفيذية قدمت ذلك تبرعاً؛ فتم خلال تلك الورش تحديد الأهداف المحلية ومن ثم تم تنفيذ ورش عمل أخرى تم من خلالها تحديد الأهداف ذات الأولوية، ثم بدأت الجمعية أعمالها منطلقة من خلال تلك الأهداف الواضحة والمبرمجة ضمن فترات زمنية تم تحديدها، وبعد أن بدأت الجمعية أعمالها عملت من خلال رؤية ثاقبة تبنتها سمو الأميرة مضاوي بنت محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية ورئيسة اللجنة التنفيذية على إطلاق برنامج للشراكة الاستراتيجية بالتعاون مع الجامعات الحكومية والخاصة، وكذلك مع الجمعيات الخيرية في مناطق المملكة المختلفة؛ بهدف الوصول إلى الشرائح المستهدفة والعمل على خدمتها، وكذلك اتفاقيات تعاون وتكامل مع المراكز البحثية بالمملكة ومع الجهات الإعلامية وشركات القطاع الخاص والمستشفيات الحكومية وغيرها.. مثل تلك الاتفاقيات تعمل على تحقيق نوع من التكامل بين القطاعات الحكومية والخيرية والخاصة، أيضاً وهذا توجه إستراتيجي يسعى لتحقيق خدمة أفضل وبتكاليف أقل وهو ما يجب أن تسعى إلى تحقيقه الجمعيات الخيرية في وطننا العزيز؛ لذا أعتقد أن مثل هذه التوجهات يجب أن تفرضها الجمعيات الخيرية على نفسها، ويجب أن تساندها القطاعات الحكومية ذات العلاقة في هذا المجال. مستقبل الجمعيات الصحية وفيما يخص المستقبل لهذه الجمعيات في ظل التحديات التي تواجهها، يرى "د.الحبيب" أن هناك نظرة تفاؤل وحذر؛ فمع وجود هذا التوجه الكبير لدى المتخصصين والفاعلين بالمجتمع هناك التخوف من بقاء العمل فردياً بعيداً عن مأسسته، وهو مايهدد هذا العمل، إلاّ أن وجود ملتقى الجمعيات الصحية الخيرية سيسهم بإذن الله في وجود الجودة في عمل هذه الجمعيات. ويوافقه الرأي "د.السويلم"، حيث يقول:"أنا متفائل جداً بمستقبل العمل الصحي الخيري؛ فلدينا -ولله الحمد- حكومة داعمة ومتفهمة ومجتمع متفاعل ومعطاء وشباب واعي ومؤهل ومثقف، ولدى الكثير منه تجارب عالمية ويحمل هم الأمة ويفكر في متطلبات مجتمعه، وهذه عناصر قوة للمستقبل كفيلة بإسهامات متزايدة ومستقبل مشرق باذن الله، ولكن لابد أن نبتعد عن الانظمة الشخصية ونتجه نحو تنظيم عمل هذه الجمعيات. ويوافقه الرأي "د.الأنصاري" من أن مستقبل الجمعيات الخيرية الصحية سيكون أفضل بإذن الله، ولكن لابد من وجود واستمرار مشاركة الإعلام في دعم هذه الجمعيات، وكذلك التنمية في الشباب عبر زرع ثقافة التطوع لديهم وزيادة التوعية لديهم بأهميته. تخصيص جزء من إيرادات «ساهر» للجمعيات الخيرية عرض د. عبدالرحمن السويلم عدة أفكار لدعم الجمعيات الصحية الخيرية، ومن هذه الأفكار تخصيص جزء من إيرادات المخالفات المرورية المسجلة بواسطة "نظام ساهر"؛ لصالح هذه الجمعيات، وذلك دعما لبرامجها في الرعاية الصحية للمعوقين والمرضى، والمحتاجين للعلاج. وقال: "من الواجب أن تقوم الدولة بدعم هذه الجمعيات؛ فهي تقدم خدمات جليلة للوطن والمواطن"، مشيراً إلى أنها تحتاج إلى دعم مادي لتطويرها، كما سيكون لهذه الخطوة قبول وانعكاس ايجابي على نظرة المجتمع للنظام، وابتعاده عن الجانب المادي، وتأكيد على دوره في خدمة المجتمع، وتواصل لما توليه الدولة من دعم واهتمام للدور التنموي الذي تقوم به مؤسسات العمل الخيري. وأضاف أن المعونات التي تقدم حالياً للجمعيات الخيرية الصحية لا تمثل شيئاً بالنسبة لبرامجها المعتمدة، والتي قد يُلغى كثير منها؛ بسبب عدم وجود الدعم المادي، وهي معونات لا تلبي مرحلة تطوير هذه الجمعيات، ولا الحاجة الملحة لخدماتها، مؤكداً على أن قيام مؤسسات الدولة بدعم هذه الجمعيات سيمكنها من قيامها بدورها التكاملي مع هذه الجهات، وقدرتها على تطوير برامجها وتدريب موظفيها والعمل على جودة مخرجاتها. مقترحات وتوصيات - الإسراع في إصدار النظام الوطني للتطوع. - تحفيز القطاعات الخيرية الصحية على إيجاد برامج تطوعية تعمل على تنظيم العمل التطوعي. - تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية وزارة الصحة والجهات الأخرى تنظيم دورات تدريبية تساهم في تطوير قدرات العاملين والعلاملات في المجال الخيري. - تطوير مهارات العاملين والعاملات باستثمار الإعلام في خدمة الأعمال الخيرية. - دعوة وسائل الإعلام لتخصيص وتدريب إعلاميين متخصصين في الجانب الخيري. - تشجيع القطاعات الخيرية على التكامل والمشاركة الفعالة في خدمة الشرائح المستهدفة. -التأكيد على أهمية مأسسة العمل الخيري والبعد عن العمل الاجتهادي. - تشجيع الجامعات ومعهد الإدارة العامة على إيجاد دبلوم في إدارة العمل الخيري؛ تشمل الكثير من الجوانب الأكاديمية والمهنية والإدارية الخاصة في المجال الخيري. - التأكيد على حوكمة العمل الخيري. - التأكيد على عقد ملتقيات سنوية للقطاعات الخيرية العاملة في المجال الصحي لتبادل الخبرات والتجارب والتكامل فيما بينها. - اسثمار القطاع الخيري الصحي لبرامج المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص لمساندته ودعم جهوده الخيرية. - تعزيز ثقافة التطوع بين أفراد المجتمع عبر برامج إعلامية تتم بالتعاون بين وسائل الإعلام والجهات الخيرية. - تشكيل مجلس تنسيقي بين الجمعيات الصحية الخيرية للإفادة من تنوع تخصصاتها والحرص على عدم تكرار الانشطة. المشاركون في الندوة د.عبدالرحمن بن عبدالعزيز السويلم-رئيس جمعية الهلال الأحمر السعودي سابقاً- عضو مجلس الشورى د.صالح بن سعد الأنصاري-رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية للتوعية الصحية «حياتنا» د.سعاد بنت محمد بن عامر -نائب رئيس ومؤسس جمعية زهرة لسرطان الثدي د.عبدالعزيز بن علي المقوشي-مساعد مدير عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية د.عبدالحميد بن عبدالله الحبيب-مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحةللتوعية الصحية «حياتنا»