كان جمهور «أمير الشعراء» على موعد مع شعر جميل ليلة الثلاثاء الماضي، تلقى شعراء الحلقة الماضية نتائج تصويت الجمهور مُضافا إليها درجات لجنة التحكيم، حيث تمكن الشاعر الموريتاني شيخنا عمر من إحراز 74%، ليتأهل بذلك إلى الحلقة ما قبل النهائية من المسابقة، فيما خرج الشاعر الأردني قيس قوقزة ب52%، والشاعر العراقي عمر عناز ب50%، والشاعرة السورية إباء الخطيب ب47%. وقبل أن يبدأ شعراء الأمسية الأخيرة من المرحلة الثانية إلقاء إبداعهم أمام جمهور مسرح شاطئ الراحة، تحدث عضو لجنة التحكيم د. علي بن تميم عن موضوع أبيات الارتجال، وهو واحة الكرامة إحدى الصروح التي يعتز ويفخر بها شعب الإمارات وتخلد ذكرى الشهيد. وفي الحلقة أعطت لجنة التحكيم أعلى درجاتها والبالغة 48 درجة للشاعر إياد الحكمي من السعودية، فيما حصلت عبلة جابر من فلسطين على 44، وناصر الغساني من سلطنة عمان 43، أما هندة بنت الحسين من تونس ووليد الخولي من مصر فحصلا على 42. ومع انتهاء تلك الحلقة سينتظر بقية الشعراء نتيجة تصويت الجمهور على مدار أسبوع كامل، والفائز من بينهم سيتأهل إلى المرحلة ما قبل الأخيرة، ليتنافس ستة شعراء خلالها، والمتأهلون الخمسة من بينهم سينتقلون للمنافسة على اللقب في الحلقة الأخيرة من الموسم السابع. مفاجأة الموسم كان الشاعر السعودي إياد الحكمي أول الشعراء الذين أطلوا على الجمهور بقصيدته (ظل للقصيدة صدى للجسد) التي أبهرت د. عبدالملك مرتاض عضو لجنة التحكيم بدءا من عنوانها، وصولا إلى مطلعها وحتى خاتمتها، حيث قال الشاعر: كما وقفت طويلا وانتظرت سدى كأن لم أنتظر أحدا أجل أحبك لو تأتين فارغة من الحنين به آتيك محتشدا لو تجرحين منامي عدت من حجبي ألملم الليل مكسورا ومرتعدا ليلا كأنك فيه كل من فقدوا من أهلهم وكأني كل من فقدا د. عبدالملك مرتاض قال إن القصيدة مفاجأة جميلة، تشرف هذه الحلقة وتشرف الموسم، فقد أعجب بها إلى حد الانبهار والاندهاش، فالمطلع عجيب، والبيت يجمع بين الحركة والسكون، والجد والعبث، والنسيان العمد وإهمال القصد، ووجد د. مرتاض أن في النص خمسة ملامح، ففيه وقع الانتظار، لكن كان لا مناص من التحرك، إلى أن صار النسيان الذي هو الحكم في تلك العلاقات المتناقضة، ثم وقع الحسم في عناصر تلك الشبكة من المعاني، وختم بالقول: ماذا أقول فيما قيل وما لا يقول الشعراء، ولو ظللت أردد هذا الشعر طوال العمر ما مللت. سحر البيان عبلة جابر التي أهدت نصها (ظلان لرحلة واحدة) إلى فدوى طوقان في مئويتها والتي كانت قد كتبت يوما (قابيل الأحمر منتصب في كل مكان/ قابيل يدق على الأبواب/ على الشرفات على الجدران/ يتسلق يقفز يزحف ثعبانا/ ويفح بألف لسان). د. علي بن تميم حيا بداية روح الشاعر الفلسطيني السوري الذي رحل قبل أيام قليلة أحمد دحبور، وروح فدوى طوقان في مئويتها، وأضاف: إن النص الذي قدمته عبلة نص بديع، يقوم على بناء متقن، وحركة نفسية تمسك بتجربة فدوى طوقان وترسمها، حيث عانت قمعا ذكوريا فحوليا مجتمعيا، وقمع الاحتلال. أما بالنسبة للعنوان فهو يذكر بسيرة طوقان (رحلة جبلية رحلة صعبة)، وهو مفتتح جميل. وفي النص إشارة إلى نكبة 1948، ونكسة 1967، وإلى الاندغام بين الخاص والعام في حياة طوقان، كما أنه مرافعة شعرية قوية عنها، وبوح لعبلة التي أحسنت استدعاء الشاعرة. قلق الشاعر إلى قصيدة (رِسالة منحُوتة بالطِين) استمع الجمهور والنقاد، والتي أبدعها وألقاها ناصر الغساني، ومع أن العنوان لم يقنع الناقد د. صلاح فضل، لكنه فهم صرخة الشاعر فيما وجد أن الشاعر يصبر وينتظر القدر مثل الصبح ثم يستجير بعزمه وطموحه، ومن جهة أخرى رأى الصور الشعرية تقليدية، وهو أسلوب راسخ مثل النخل. لكن البيت الأخير (إِن دنا وجل/ سأستجِيرُ بِها مِنهُ فأنعتِقُ) فهو مباشر، وليت الشاعر جسد موقفه بطريقة أقوى وأكثر شعرية. تنهيدات وياسمين مع بيت لأبي القاسم الشابي بدأت هندة بنت الحسين، إذ استعادت بيته (إِذا طمحت لِلحياةِ النُفُوسُ/ فلا بُد أن يستجِيب القدر) ثم بدأت بنصها الذي جاء بعنوان (تنهداتُ الياسمينِ العاشق). د. مرتاض لم يجد صلة بين بيت الشابي ومضمون القصيدة. أما اتكاء اللغة على اللحن فليس من الاستعارات الجميلة، معتبرا أن هندة لديها مشكلة مع القافية، متمنيا عليها كتابة قصيدة التفعيلة، فهي أيسر عليها، وأجمل للمتلقي. ومع ذلك دل على الصورة الفنية البديعة في البيت الرابع. لجنة التحكيم تستمع لمشاركات المتسابقين (اليوم) هذيان جميل تنهيدة أطلقها وليد الخولي من خلال نص كتبه الشاعر على البحر الكامل بعنوان (تنهيدة تتسلق الروح) يعبر عن تجربة عاشها، ووجدها تقترب مما جاء في مسرحية (بعد السقوط) للكاتب المسرحي الأمريكي آرثر ميلر التي كتبها إثر انفصاله عن الممثلة مارلين مونرو، ورأى د. فضل أن الشاعر أنقذ نفسه بالمقدمة التي سبقت القصيدة بسبب ما عانته مصر في الأيام القليلة الماضية من إرهاب أزهق أرواح أبرياء كُثر. ثم أشار إلى أن نفخ الرماد يؤدي إلى إيقاظ الرماد ردا على د. مرتاض. لكن د. فضل يفضل ألا يتم إيراد الأحداث التي تحتاج إلى مذكرات شارحة في النص.