أمسية جديدة من أماسي الشعر عاشها عشاق الشعر ومتابعوه في الحلقة الرابعة من «أمير الشعراء» في مسرح شاطئ الراحة، مستكملا بذلك رحلة البحث عن الأمير الذي سيتوج في نهاية الموسم السابع من المسابقة. وقبل أن تبدأ مجريات الحلقة؛ عرضت د. نادين الأسعد ومعها محمد الجنيبي الدرجات التي استحقها شعراء الحلقة الثالثة بعد انتهاء التصويت، فكان أن حصل شيخنا عمر من موريتانيا على 85%، أما وليد الخولي فكانت له 45%، فيما حصلت وردة الكتوت على 43%، ومع أنها خرجت من المنافسات إلا أنها كانت سعيدة بما حققته ووصلت إليه. فيما تأهل طارق صميلي من السعودية عن حلقة ليلة أمس إلى المرحلة الثانية بعد أن منحته لجنة التحكيم 47%، ليبقى المتنافسون الثلاثة إباء الخطيب من سوريا التي حصلت على 44%، ونوفل السعيد من المغرب وحصل على 43%، وأفياء أمين من العراق التي منحتها اللجنة 39%؛ على قلق حتى الأسبوع المقبل موعد إعلان نتائج التصويت. براعة صميلي ليلة أمس كان على الشعراء الأربعة مجاراة أبيات ابن زيدون وولادة بنت المستكفي، ومن ثم إلقاء قصائدهم التي خضعت لآراء أعضاء لجنة تحكيم البرنامج المكونة من د. علي بن تميم، ود. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض، وكان أول من قابل اللجنة طارق صميلي الذي لا يزال يبحث عن أسلوبه الخاص، فجارى بداية أبيات الشاعر الأندلسي ابن زيدون، د. عبدالملك مرتاض بدءًا من العنوان بما فيه من غموض وإبهام وغرابة، وأشار إلى أن الشاعر لا يمكنه تركيب الكلام وينتهي إلى غيره، والشاعر يفلت من اللغة العليا إلى اللغة الدنيا، ومن المقدس إلى المدنس، وقد جاءت القصيدة كماء المسيل، مستوياتها غير متناشزة، وفيها صور كأنها غجرية، وصور فنية بديعة، لكنها غير ثابتة الوجود، فصورة واحدة في البيت الثالث قامت على افتراضية الوقوع، ولذلك جاءت طافحة الجمال، وهي أجمل الأبيات تصويرا، وفيها إصرار الشخصية الشعرية على الرنو لتفتيح أردية المدى. إباء تبكي الأحبة ثانية الشعراء إباء الخطيب ألقت قصيدة (على مقام الغياب)، د. مرتاض أشاد بحسن الإلقاء، وسلامة اللغة المعجمية، وأناقة اللغة الشعرية، مبرراً اختيار الشاعر حرف الحاء قافية، فالشعر يأتي دفقة واحدة، ومشيراً إلى أن لحرف الحاء خصوصية لا نكاد نجدها في اللغات الأوروبية، ذلك أن العرب أكثر حساسية من غيرهم، فبدا كل بيت وكأن فيه ألما ووجعا وتأوها، وهو يتلاءم مع ما يجري من أحداث، أما اللغة فكانت جارية وسلسلة متناسقة في البيت الثاني، وهو بيت حديث جداً، والتصوير فيه راقٍ، وفي القصيدة شعرية طافحة لوطن ممزق. رسول بين بيسوا والمتنبي وفي «رسالة أخيرة من فرناندو بيسوا للمتنبي» قدمها الشاعر نوفل السعيدي قائلاً: (أنا لست ذا شأن.. عنوان لديوان فرناندو بيسوا البرتغالي). وبعنوان (رحلةُ «الفادو» الأخيرة) ألقى قصيدته، د. ابن تميم أشار إلى الأسلوبين المتناقضين في النص، فالقناع الذي تمثل في بيسوا والمتنبي ينتاقض مع وضع حدود موضوعية بين الشاعر والنص، لكن نوفل استخدم الاعتراف والبوح، والنص شعري فيه محاورة بين الاثنين، وهي تضيف بعداً خاصاً، فالنص تنبه إلى الشخصيتين وإلى الغربة والاستلاب، لكن الانتقال إلى اعتراف الشاعر وبوحه انتقص من الخصوصية، فحضر أبو الطيب حضوراً غير موظف، ومع أن النص جميل إلا أنه يخلو من العمق، مؤكداً على نوفل بضرورة تمسكه الدائم بالمجاز والتأويل كما فعل في النص الذي قدمه مؤخرًا. الأبجدية السمراء أفياء أمين التي قدمت نص (حديثُ الأبجديّة السمراء) بما فيه من ألم واستنكار للطائفية وأمل بمستقبل أفضل؛ دفعت الناقد د. صلاح فضل للقول: لو كان الشعر يقاس بالنوايا الحسنة والمقاصد النبيلة لعدّ قصيدتها الأجمل على الإطلاق، محيياً حسها العربي العالي، وإعلانها الحرب على الطائفية. تقارير ومشاركات قدمت الحلقة تقريراً عن مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل، وتقريراً آخر عن واحة مدينة العين، أما الفنانة غادة شبير فقدمت إحدى روائعها بصوتها الرائق والعذب والقوي. كما شهدت الأمسية مجاراة رائعة موضوعها الأب، بين شاعرين أقل ما يمكن أن يقال عنهما أنهما أبدعا كلٌ فيما يعشق، فقدمت الشاعرة زينب البلوشي نصا نبطيا ينضح ألماً أهدته إلى روح والدها الذي غادر دنيانا، في حين ألقى الشاعر محمد العزام نص «أبي» المترع حناناً وحنيناً، وجاء شفيفاً كروحٍ عاشقة ونبيلة. الحلقة الأخيرة بالمرحلة الأولى عند ما انتصف الليل لم تبق سوى أمنيات للشعراء الثلاثة حظاً جيداً مع تصويت الجمهور عبر الرسائل النصية، والذي ستعلن نتائجه الأسبوع المقبل من «أمير الشعراء»، الذي سيقدم آخر أربعة شعراء من المرحلة الأولى، وهم: هندة بنت الحسين من تونس، إياد الحكمي من السعودية، مرام النسر من سوريا، عمر عناز من العراق.