مشروع المدينة الثقافية السياحية في القدية، والذي سينفذه صندوق الاستثمارات العامة، هو إحدى ثمار رؤية المملكة 2030، وأحد ملامح الخطط الطموحة على طريق الوصول لتحقيق هذه الرؤية. ولعل نظرة تأملية لما بعد تحقيقه تظهر لنا أنه مشروع استثماري اقتصادي وفي نفس الوقت ثقافي اجتماعي ترويحي، وأنه سوف يحقق نتائج ومكاسب على كافة هذه الصعد؛ فعلى الصعيد الاقتصادي سوف يعمل على جذب استثمارات محلية وخارجية خاصة إذا أقبل رجال الأعمال والقطاع الخاص- وهو المتوقع بقوة منهم- على الاستثمار في تحقيق فكرة المشروع واختيار الفرص المناسبة التي تكون دافعا لهم لضخ الأموال في استثمار وطني آمن يحقق نتائج وأرباحا طيبة- بإذن الله-. وهو من ناحية أخرى سوف يشكل تحولا في الإنفاق السياحي في الخارج من قبل المواطنين إلى السياحة الداخلية مما يعني ضخ (96) مليار ريال في الاقتصاد الوطني هي معدل ما ينفقه السعوديون على السياحة الخارجية حسب تقديرات مركز (ماس) التابع للهيئة العامة للسياحة، إلى جانب ما يمكن أن يوفره من دخل آخر عند نجاحه في الحصول على حصة من سوق السياحة الخليجية، وجذب السياح من دول المنطقة نتيجة ما يوفره وأمثاله مما تتجه خطة التحول الوطني إلى تحقيقه من مشاريع في نفس المجال، حيث من المؤمل أن ترتفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت العام الماضي حوالي (80) مليار ريال، بما يشكل حوالي 3% وهي نسبة قليلة جداً خاصةً إذا عرفنا أن القطاع السياحي يشكل حوالي 40% في الدول المجاورة، وبما يشكل أيضًا حوالي 5% من ناتج القطاع غير النفطي؛ وهي نسب سوف يساهم هذا المشروع في رفعها إلى ما يحقق الطموحات لا سيما إذا علمنا أن النمو المتوقع في الإنفاق السياحي للمملكة بلغ خلال السنوات الثلاث الأخيرة حوالي 30% تقريبا مما يرشح هذا القطاع للمزيد من النمو ويساهم في تعزيز مشاركة القطاع غير النفطي وهو ما تهدف إليه رؤية المملكة 2030، كما أنه سوف يوفر بالتأكيد آلاف الفرص الوظيفية. أما الجوانب الأخرى فإن الفعاليات الرياضية والترويحية والثقافية سيكون لها آثار اجتماعية لا تقل أهمية عن آثاره الاقتصادية. بقي أن نقول إن توجه خطط التحول الاقتصادي إلى إعطاء القطاع السياحي هذا الاهتمام وهو من ثمرات استشراف سمو ولي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، هو أمر ظل متوقعا، لكن المفاجئ هو حجم هذا المشروع الذي فاق التوقعات وأنعش الآمال بالمزيد من المشاريع الواعدة.