في الوقت الذي يصرح فيه المسؤولون في شتى دول العالم برفع الضرائب على شركات النفط المنتجة، جاء الأمر الملكي الكريم بخفض الضرائب على معظم شرائح الشركات المنتجة في المملكة، ليعطي الكثير من المرونة العملية في بناء نماذج العمل للشركات المنتجة من أجل الملاءة المالية اللازمة للاستثمارات المستقبلية، هذه المرونة تأتي من خلال استمتاع الشركات بتدفقات مالية أكبر كفيلة بأن تعطيها مجالا أكبر لتنويع المداخيل ووضع استراتيجيات أكثر استعدادا لتقلبات الأسواق والأسعار، وبالتحديد النطاقات السعرية المنخفضة للنفط أثناء ارتفاع تكاليف إنشاء المشاريع النفطية الكبيرة. وبالنظر لمعظم الطروحات الإعلامية الداخلية والعالمية بعد الأمر الملكي السامي لم تخرج من موضوع واحد فقط، وهو الطرح المتوقع لشركة أرامكو السعودية للاكتتاب في الأسواق، والحقيقة أنه يحمل أبعادا أوسع بكثير من مجرد اكتتاب في سوق الأسهم أو تقييم سعر الاكتتاب لشركات النفط، فخلال الأعوام الثلاثة الماضية طغت على الصناعة النفطية وأسواق النفط مقارنات متعددة لتكلفة انتاج برميل النفط في شتى المناطق المنتجة حيث ترتكز هذه التقديرات على حساب التكاليف سواء تشغيلية أو ضريبية، لذلك فإن الأمر الملكي يؤثر مباشرة في هذا التقدير لصالح النفط السعودي وهو بمثابة الخفض المباشر في التكلفة على الشركات المشغلة والمنتجة، وذلك كفيل بترجيح كفة النفط السعودي في المنافسة على اجتذاب رؤوس الأموال المستثمرة ويعطي إمكانية أكبر للموارد المُحتملة لأخذ فرصة أكبر من الناحية الإنتاجية، إضافة الى أن هذا التشريع الضريبي الجديد كفيل بفتح المجال النفطي ليس فقط للمستثمرين بل حتى للشركات النفطية العالمية التي تتبنى معايير كفاءة تشغيلية عالية بإثبات كفاءتها تحت أجواء ضريبية منخفضة في المجال النفطي. ومن خلال قراءة سريعة لتفاصيل هذا الامر نستطيع القول إن هذا الأمر الملكي بمثابة المكرمة الملكية للقطاع النفطي من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، ويتضح أنه جاء بعد دراسة اقتصادية مفصلة ومدروسة، كما انه جاء من اجل النظرة المستقبلية لواقع الاقتصاد الوطني والاقتصاد النفطي بمختلف شرائحه الاستثمارية، لذلك من السهل الذهاب إلى القول ان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كان له الاثر البارز في صنع هذا الامر وبما يتوافق مع برنامج الرؤية 2030.