سمحت لي التجربة الميدانية، أن أسرد- بشفافية- بعضا مما يحدث في بيئات التعلم.. هذا العام شددت وزارة التعليم على حصتي نشاط بمعدل 120 دقيقة في يومين منفصلين، وأن تكون في خانة الحصة الرابعة.. وكما هي القرارات الجديدة التي تحدث نوعا من الحراك في الوسط التعليمي، قوبل التغيير بنوع من التذمر، خاصة من الموظفين أكثر من غيرهم.. فلا أحد سيرحب بتمديد اليوم الدراسي إلى بعد الساعة الثانية ظهرا! كانت البدايات تواجه سيلا من الامتعاض تصل إلى حد الرفض.. أمكن الاقتناع مع جدولة الحصتين في اليومين وبناء البرامج التي تكفل تغييرا في مسار الأنشطة الطلابية وتجديدا في بيئة التعلم الصفية التي ضاقت بروتين ممل، من ضغط حصص دراسية، ليس بينها فسح كافية غير الفسحتين الرسمية المخصصة لتناول الطعام فقط.. بناء مواهب الطلاب وميولهم والأخذ بيدهم وفتح نوافذ أخرى لتجديد اليوم الدراسي، كان يستلزم البحث عن حصص نشاط لا منهجية، يمارس فيها طالب المدرسة كل ما هو متاح، ويحقق تطلعاته في الحياة وصقل شخصيته وإعطائه الفرصة؛ كي يعبر وينتمي للمجال الذي يفضله.. وجد الطلاب في هذه الحصص مواهبهم الاجتماعية، التي كانت تتلاشى في زخم مناهج التدريس، التي تقيم الطالب على حسب حفظه وفهمه للدروس فقط.. من الطبيعي أن تنحسر مواهب الطلاب بين زحام الدروس فليس هناك مجال يسمح بالتعبير بإظهار الشخصية الحقيقية للطالب المدفونة في أعماقه، والتي قد تتعثر في البروز حين لا تميل للتفوق الدراسي.. ومن غير المعقول هضم طموحات باقي الطلاب، الذين يتفوقون في مجالات غير دراسية.. وهم نسبة غير قليلة في بيئات التعلم على اختلافها.. لقد لمست هذا التشكيل المتجدد في نفوس الطالبات، ورأيت حماسا جميلا في ممارسة النشاط وفي تقديم شيء مختلف يلبي حاجات الطالبات.. كنت سعيدة وأنا أراقب طالبات المدرسة وهن كالنحلات المنطلقات يجمعن كل رحيق زاهر بالإبداع ينثرن وهج الحماس في بقية الطالبات اللاتي بدأن في التحرك مثلهن.. إننا نقطف ثمار البناء لهذه الشخصيات الواعدة القادمة بإذن الله لتخدم مجتمعها ووطنها بكل تفان وصدق وهمة وطموح.