كغيري أسمع هذه العبارة كثيرا في البيت في المجتمع وفي كثير من الأزمنة والأماكن، هذه العبارة في ظاهرها لا تشعرك بشيء لكن في مضمونها تختزل الكثير والكثير من الأشياء التي لا حصر لها ولا حد، واحد منها «الوصاية المجتمعية» المفروضة على الشخص من قبل ولادته وإلى مماته وما بعد ذلك أيضا. أتساءل بيني وبين نفسي مرات عدة هل هذه العبارة خاصة بمجتمعنا أم هي في أكثر من مجتمع؟ وهل تكرارها له دلالة خاصة تشير إلى عدم استقلالية الفرد وبالتالي يتم تكرار هذه العبارة على مسامعه لكيلا يتجاوز السائد والمألوف؟ وهل كل فكرة أو رأي أو اختراع له زمن مسبق يحدده المجتمع؟ وإذا كان كذلك فهل مصير كل ما سبق الدُرج لكي نحافظ على النمط الموجود وحتى لا نسبب الحرج لهذا المجتمع الساكن الهادئ؟ ومتى يكون الوقت المناسب إذا كان كل شيء ليس في وقته؟. أعتقد أن هذه العبارة «ليس وقته» أكثر ما يعاني منها المجتمعات المحافظة التي تميل بشكل عام إلى السكون والطمأنينة والمحافظة على ما هو موجود، فضلا على أنها تريد تحصين أفرادها من أي شيء سابق للنمط أو النسق السائد أو الثقافة المتجذرة في المجتمع المحافظ؛ لهذا نسمع أن تقاليد وأعراف المجتمع لا تسمح بذلك ولا تقبل به لأنه يثير جدلا وفوضى لا طائل منها ولا فائدة، وهذا تعبير بالنسبة لي فيه الكثر من الإشكالات وحجته غير مقنعة وغير منطقية. أفكر لو أن مخترع الكهرباء أو المصباح الكهربائي أو أي من الأجهزة التي نستخدمها في كل شيء تقريبا انتظر حتى يأتي الوقت المناسب هل رأينا النور؟ وهل تنعمنا ببرودة التكييف أو تدفئة البرودة القارسة التي نعيشها هذه الأيام؟ أعتقد بطبيعة الحال «لا»، كل هذه الإبداعات التي نشاهدها هي بالضرورة سابقة إلى وقتها وزمانها لذلك هي مبهرة لنا نحن الذين نعيش الراحة. إذا أردنا أن نحتل المقدمة وصدارة العالم فعلينا التخلص من هذه العبارة «ليس وقته»، لأن الأفكار لا تنتظر وقتا مناسبا بل الأفكار تفاجئ الجميع وتبهرهم، لذلك نجدها تغير العالم وتغير طبيعة الحياة وتغيرنا نحن البشر كذلك.