يطرح عنوان رواية العراقي سعد محمد رحيم (مقتل بائع الكتب) على القارئ سؤالًا بدهيًا عن من عساه ارتكب جريمة القتل تلك، وسيصادف القارئ لغزًا آخر في داخلها. الرواية تسرد معاناة وتحولات شخصية يسارية عراقية قبل مقتلها، ومن ورائها، وبشكل شاحب، تداعيات انهيار العالم الاشتراكي، وصراعات أجنحته المتعددة. زمن الرواية هو زمن اضطراب الأحداث العرقية والمذهبية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي وتحديدا بعد التطهير العرقي وانتشار الميليشيات المتطرفة. استخدمت الرواية في رسم صورة الشخصية الرئيسية (محمود المرزوق) تقنية أقرب للعبة (إكمال الصورة) ذات القطع الكرتونية المجزأة لصورة واحدة، حيث مع إضافة قطعة جديدة إلى الصورة تبدأ الشخصية في الظهور تدريجيا. فتعددت مصادر المعلومات عن الضحية من المحيطين به بدءا بصديقه مصطفى كريم، إلى مجموعة صديقاته، الروسية، والفرنسية، والعراقية، وتنوعت الوسائل، بالرسائل تارة، وبالتسجيل الصوتي، وبشهادات شفاهية، وكراس مذكرات الضحية، حتى أدخل الكاتب في الفصول الأخيرة ما يمكن أن يمثل بعثرة لقطع الصورة/ بعثرة الصورة الذهنية الآخذة في الاكتمال في ذهن القارئ عن محمود المرزوق، وتحويلها إلى نتف من جديد!، تلك كانت رسالة أخيرة قادمة من اليمن تحمل اسمًا مشفرًا، ستؤدي إلى أن يخرج القارئ في نهاية الرواية بصورة مشوشة عن حقيقة القتيل. لكن الرواية تتضمن لغزًا آخر يصادف القارئ غير مقتل (محمود المرزوق) وهو من يكون صاحب الاتصال الهاتفي الغامض الذي كلّف الصحفي في صحيفة (الضد) ماجد الذي يروي الأحداث، بكتابة سيرة الضحية؟. ومن دون قراءة دقيقة للأحداث لن يتسنى للقارئ معرفته رغم أنه من شخصيات الرواية.