نحن هنا لكي نضع بصمتنا في هذا الكون وإلا ما فائدة مجيئنا إليه، بمجرد أن تقتنع أن العالم حولك بما فيه من قواعد وقوانين وضعها أشخاص مثلك ليسوا أذكى منك حينها تستطيع تغيير العالم... بهذه الكلمات استطاعت شركة أبل بقائدها الملهم ستيف جوبز أن تغير ملامح العالم بأسره إلى حقبة ذكية، تبوأت فيها أبل مركز دائرة التأثير على الأفراد وشركات الاتصال وبرمجياتها وكذلك مؤسسات الدول التي تحولت نحو الحكومات الذكية. هذه الشركة وظفت ما يسمى اقتصاد الإلهام وأدركت بعمق أن دورها الحقيقي لا يقتصر على إنتاج الأجهزة فحسب، بل يتخطاه إلى إحداث التغيير في المجتمعات والتأثير عليها والمساهمة في حضارتها. حديثي اليوم عن اقتصاد الإلهام الذي ظهر وانتشر مؤخرا في ظل الحاجة إلى اقتصاد غير ناضب لا يعتمد كليا على الموارد المادية، ويراعي إعادة التوازنات البيئية والاجتماعية والنفسية وجودة الحياة، وتسريع الكشف عن القدرات الكامنة لدى الإنسان في حل المشكلات والتغلب على التحديات، حيث يرى مؤسس المعهد الدولي لاقتصاد الإلهام د.محمد بوحجي أن هذا الاقتصاد يحرك المؤسسات لتكون أكثر إلهاما وإصرارا وتجددا على تحقيق الفارق في الأثر من خلال عملة الإلهام التي تقوم على ثلاثة ممكنات هي المصادر والروح والفرص، فهو اقتصاد يقيس الأداء بما نقدمه نحو المجتمعات من تغيير ونماذج ناجحة ومتجددة. كما أن أحد عوامل نهضة الدول يكمن في الممارسات الملهمة لدى مؤسساتها والروح الشغوفة لدى أفرادها التي تدفع إلى استغلال الفرص واستكشاف المنهجيات والأساليب الجديدة في التطوير بكافة مجالاته، باستثمار آليات التفكير والإبداع والتعامل مع المألوف بطريقة غير مألوفة لتكون جزءا من استراتيجيات تلك المؤسسات وتعمل على صناعة المستقبل وإحداث الأثر على المجتمع المحلي والدولي. وما نراه لدى معظم المنظمات هو الانغلاق على أسوارها ومهامها المتمثلة في التطبيقات اليومية كتنفيذ الخطط والأعمال والسعي لتحقيق الأرباح فقط مما يضعف قيمة نموذج العمل لديها ومساهمته في تطوير وتغيير المجتمع. فلو نظرنا إلى أثر شركة قوقل على سبيل المثال نجدها أصبحت لاعبا رئيسا في حياتنا اليومية وإدارتها في التخطيط والتنظيم والتواصل وغيرها، هذا ما نحتاجه حقا من مؤسساتنا في الوطن، نريدها محركا لتغيير القناعات وتحسين الممارسات من أجل حياة وحضارة متجددة. لذا يأتي هذا الاقتصاد ليعمل على تمكين المنظمة من أن تصبح ملهمة وذات قيمة مضافة لمثيلاتها وللبشرية من خلال إدارة المعرفة والتعلم والمحاولة المستمرة لتحقيق الأهداف. أما حجر الأساس في هذا البناء فهو القائد الملهم الذي يستطيع استثارة واستخراج طاقات الموظفين ويؤثر فيهم للتجديد والابتكار وكذلك تحويل مفهوم صعب ومستحيل إلى سهل وممكن، ولنتأمل سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وكيف استطاع أن يلهم الأمة حتى يومنا هذا، وهناك أسماء عديدة مثل علي النعيمي وبيل جيتس وجاك ما مؤسس، موقع علي بابا وديمينج وغيرهم... نريد نسخا وطنية جديدة نفاخر بها ونصدرها للعالم. ختاما أقول بتصرف... لكل مؤسسة وجود وأثر، ووجودها لا يغني عن أثرها، وأثرها يدل على قيمة وجودها وهذا ما يتطلع له المجتمع، البصمة والأثر. فقد تحدثنا كثيرا عن التجارب الفنلدنية والسنغافورية واليابانية وغيرها، كما استطاعت اليابان نحن نستطيع... هكذا قالت أمريكا ومنها انطلقت وتقدمت. وهذه الحقبة بما وفرت فيها الدولة من مقومات لاستشراف المستقبل، تدعو كافة المؤسسات للتفكير بمبادرات جديدة ملهمة ثم تحولها إلى منصة العمل محليا وتتوسع بها لتسود العالم تحت شعار «صنع في السعودية».