ينتابني من الحزن أقصاه ومن الأسى أقساه، لم لا؟ وقد فقدنا أخا عزيزا، مرحا، صاحب نكتة فريدة تبتسم لها كل الشفاه بل ويبلغ السرور بها غاية مداه.. إنه ناصر الذي أحببناه وبالود بادلناه، حتى أصبح معلما من معالم صحيفة «اليوم» واسما بارزا في قسم التصحيح، الذي لا يذكر إلا مقترنا باسم ناصر أبوالسعود. فاجأني الخبر ونزل علي نزول الصاعقة من السماء، وغلبني البكاء، وانهمرت الدموع وتعالت الآهات حتى لم أملك إلا أن يعلو صوتي له بالدعاء أن يسكنه الله فسيح الجنان مع الصالحين الأبرار. فسمعني كثيرون، وتساءلوا في دهشة واستغراب: ما الأمر؟ ماذا جرى؟ ماذا حدث؟.. تلعثم مني اللسان وعجزت عن البيان، وأصابني الذهول.. اسودت الدنيا في عيني، ولم أر بصيص نور.. لكن تضاعف السؤال وازداد المتسائلون.. يا للهول!! منذ دقائق معدودة تواصلت هاتفيا مع أحد الزملاء، وكالعادة تطرقنا لما كان يجود به علينا من النكات المبهجات، فتتعالى الضحكات فننسي التعب والعناء.. لكنني صعقت بموته المفاجئ إثر حادث وهو يقود سيارته عائدا إلى بيته..!! إنه ابن مصر الطيبة، وخير من يمثل نبل أهلها، وعشق العروبة والإسلام كما كانت عبر كل التاريخ. أربعة عشر عاما، زاملتك فيها يا ناصر، كنت فيها نعم الأخ ونعم الصديق والزميل، رحمك الله رحمة واسعة، وعظم الله أجر أهلك ومحبيك، والبقاء لله وحده.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وداعا.. وداعا يا ناصر، ومثلك فلتبك عليه البواكي..!! «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام». ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.