درج العرب على ألا يكرموا مبدعيهم إلا بعد رحيلهم عن عالمنا، حين يكون الأوان قد فات لنظهر لأولئك المبدعين مدى تقديرنا وامتناننا لهم لما أغنوا به حياتنا من نتاجهم الإبداعي، وربما جهودهم العملية لجعل حياتنا أفضل وأجمل، وأكثر احتمالًا. لكن يبدو أن ذلك آخذ في التغير مؤخرًا لحسن الحظ، إذ بتنا نشهد ونسمع عن مناسبات تكريم لرواد ومبدعين في مجالات مختلفة وهم في أوج عطائهم أو بعد مسيرة طويلة من العطاء. ومن الشواهد الأخيرة لذلك الحفل التكريمي الكبير الذي أقيم للشاعر والكاتب والروائي حسن السبع في نادي الخليج بسيهات، الأسبوع الماضي. شارك في الحفل بكلمات ونصوص معبّرة عدد من أصدقاء السبع ورفاق رحلته الكتابية والإبداعية، ومن أولئك نذكر أحمد الملا ومبارك الخالدي وأحمد الشويخات وعبدالله محمد حسين وجاسم الصحيح، وغيرهم. كما كانت هناك مشاركات بكلمات مسجلة لعدد من الأسماء الثقافية البارزة مثل سعد البازعي وفوزية أبوخالد والسيد عدنان العوامي وعبدالله المعيقل. وقد كان لي شخصيًا شرف المشاركة بكلمة موجزة، ولكن تلك الكلمات لم تعرض بسبب ظروف تقنية. وفيما يلي سأقدم خلاصة تلك الكلمة: إذا كانت هناك من كلمة واحدة ألخص فيها علاقتي مع الأستاذ حسن السبع فهي المحبة أو الحب، حبي لشعره الجديد، فهو شاعر حداثي ولكنه لم يطلق نيران مدافعه على الماضي. وحبي لنثره ومقالاته التي يكتبها بسلاسة وعمق وصفاء في اللغة وفي الفكرة التي يريد إيصالها للقارئ، وحبي لسرده المتمثل في روايته الوحيدة حتى الآن، ليالي عنان، التي أثبت فيها علو كعبه سرديًا. وقبل ذلك وبعده حبي لشخصيته الودودة المرحة المقبلة على الحياة، بابتسامته التي لا تفارق محياه، وأحاديثه التي لا تمل. ولا أخفي هنا سعادتي حين شبهني أحد الأصدقاء، ذات مجلس ضمنا معًا، به وقال إن هناك الكثير مما يجمع بيننا (لا شك أن خفة الدم لم تكن في باله حينها!). وبكلمة واحدة، سيكون من الصعب أن تجد ما لا يُحب في شخصية حسن السبع.