يشاع بين الأوساط الثقافية والاجتماعية أن الأديب، سواء كان شاعرا أو روائيا أو قاصا.. أو حتى الذين يقتاتون على مناهل إنتاجه، كالنقاد والمترجمين، أنه بالضرورة شخصية مبدعة تعبر عن فكر عميق متعال عن السفاسف، وله تصور خلاق، بل والذهاب أبعد إلى الادعاء بأنه الأقدر على فهم وتحقيق متطلبات التعايش الاجتماعي بين كافة شرائح وفئات المجتمع، بحجة اطلاعه على حيوات مختلفة، وعوالم متعددة الثقافات. وأمام هذه الهالة الفاقعة الحالمة يأتي الواقع كي يؤكد عدم صحة هذه الفرضية. حيث تثبت الأحداث أن الأديب (وينطبق ذلك على الفنان أيضا) ليس بالضرورة صاحب سمات مميزة تجعله مختلفا وفريدا عن البشر. فمن خلال النقاش مع بعضهم تجد أن تميزه لا يتجاوز لغة مميزة، وقدرة على بناء تراكيب وصورة مذهلة مبهرة، بينما هو ملوث بتصور فكري قوامه مجموعة من الآراء المتطرفة (ولا أعني أنه يكون له وجهة نظر أخرى) باتجاه الآخر المختلف عنه، دينيا وثقافيا، بل إن بعضهم يجنح إلى نبذه وتكفيره.. والأدهى من ذلك أن يكون متصالحا مع هذه النفس المتطرفة، لدرجة التمكن من خداع القارئ وتضليله؛ كونه يتجنب في إنتاجه أي إشارة صريحة لذلك التطرف!. والأمر يتجاوز إلى انكشاف مستوى ثقافة ذلك الأديب السطحية في نظرته وتقييمه للأمور السياسية والفكرية والاجتماعية من حوله، وذلك نتيجة انعزاله وحصر مجال مطالعاته ومتابعاته بالأدب، إنتاجا وغربلة، ما يجعلك في بعض الحالات أمام شخصية مضطربة في انحيازها للأدب والأدباء، ومنفصلة عن الواقع وتبعاته. الخلاصة: أن المشتغلين في العوالم الإبداعية من فنانين وأدباء، ليسوا بالضرورة ذوي حس إنساني أو أن لهم رؤية وفلسفة فيما يقدمون، بل بعضهم يلبسون عباءة الأدب والفن.. فلا تنخدعوا بلحن القول.