لو كان باراك أوباما لا يزال سيداً للبيت الأبيض، ولو كان جون كيري لا يزال وزيراً للخارجية ومفوضاً بالشرق الأوسط، لما نبسا بكلمة حول عدوان الميليشيات الحوثية الإيرانية على سفينة سعودية في البحر الأحمر، ولتجاهلا إقدام كلية إيران على استعراض عضلاتها العسكرية، باختبار صاروخ بالستي. هذا إن لم يشجعا طهران وآياتها على إنجاز المزيد من الاضطرابات في المنطقة. يوم أمس الأول وجه مستشار البيت الأبيض مايكل فلين انذاراً «رسمياً» شديد اللهجة لطهران بأن تكف عن عربدتها، وهذه هي أول «عين حمرا» لإيران منذ 16 عاماً، إذ كان الرئيس جورج بوش الابن يراعي المساعدات الإيرانيةلأمريكا في احتلال العراق وافغانستان، وفي عهد أوباما كانت إيران مدللة البيت الأبيض وتلبس سحر طهران الأسود جون كيري الأبيض طوال أيامه حتى وظف قوة الولاياتالمتحدة لخدمة حرس إيران وميليشياتها، وتوسعاتها وغض الطرف عن إرهابييها، بل إنه ضغط على دول أوروبا لتكثيف الاستثمارات في إيران، حتى سلمت الدبلوماسية العالمية أن «أسحار» خامنئي وأعماله وتعاويذه قد أخضعت كيري وجعلته تابعاً للملالي ومتعبداً بمحاريب آيات الله. الغريب أن إيران تصرفت بحماقة بهدف الضغط على الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب، وتعامله مثلما كانت تعامل أوباما، بينما كان يجب أن يدرك الآيات أن ترامب جاء بعقيدة وطنية (نتفق معها أو نختلف)، وأنه قد تخلص من الكائنات التي زرعتها طهران في البيت الأبيض، وربما في سبيله لتنظيف وزارة الخارجية منهم أيضاً. وتصرفات إيران وصناعة الميليشيات، بالنسبة لرئيس وطني، هي لعب بالنار في منطقة الشرق الأوسط التي تتمتع فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية بنفوذ واسع منذ نحو نصف قرن، وهذا لا يتحمله رئيس وطني أمريكي، جاء بعقيدة «أمريكا هي الأولى». وإضافته إيران إلى قائمة المنع يعني أنه يؤمن بأن إيران بلد منتج للإرهاب والشبكات الإرهابية، وهي كذلك، بل إن الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب الأمريكية، لكن أوباما عطل تفعيل القائمة. إذا أراد الرئيس ترامب استقراراً في المنطقة فعليه ترسيخ التحالف مع دول الخليج العربي، وكبح جماح إيران وتعطيل نشاطاتها الإرهابية، ومنعها من ان تستمر مصنعا منتجا لأشرس الميليشيات الطائفية التكفيرية، المدربة على زراعة الفتن ونشر الاضطرابات من بغداد إلى دمشق وبيروت واليمن ونيجيريا إلى الجزائر وتونس ودول أخرى. ويفترض أن يعلم الإيرانيون ماذا عليهم فعله، بعد أن أسدل الستار على مسرحية «كيري المسحور» المذلة للولايات المتحدة والمتعبة لحلفائها.