ملامسة حبات الرمل الناعمة وأجواء البرد، عاملان يجذبان أهالي الأحساء للتحلق على «الضو» في براري الواحة وبين الكثبان الرملية الذهبية التي تشتهر بها الواحة وخاصة في بر بحيرة الأصفر، والتي أصبحت سمة من سمات موسم الشتاء في المحافظة، في رحلات موسمية للهروب من روتين الحياة المدنية ومن زحمة وسائل التواصل الاجتماعي إلى الطبيعة والمناطق الرملية المفتوحة، لقضاء أوقات خاصة في رحلات شبابية أو عائلية، حيث تحلو الجلسات، بصحبة الأهل والأصدقاء، ومعها «استكانة شاي» يتم ارتشافها بينما يتم كسر هدوء الشتاء الكبير الذي يسيطر على الأجواء، برواية قصص زمن الأجداد. مجموعة من الشباب تعودوا منذ 15 عاما، على التجمع وسط أحد المنحدرات الرملية في مدينة العمران شرق المحافظة يتخذون الرمال ساترا لهم من البرد، يجلسون حول النار لقضاء أوقات ممتعة بين الكثبان الرملية. وأشار صادق العلي إلى أنه وعددا من الأصدقاء يترددون على هذا الموقع باستمرار في موسم الشتاء، مبينا أن الرحلة السنوية تبدأ مع ميل الجو إلى البرودة، مضيفا أن الجلسة البرية والتحلق حول النار هي متنفس حقيقي لهم، وأنه فور أداء التزاماته العائلية يأتي إلى الموقع قبل الجميع من أجل تجهيز وإعداد المكان. بينما يؤكد على بوزايد، أنه منذ الصغر يهوى الرحلات البرية بشكل كبير، فهو من رواد البر من خلال مشاركة الأهل والأصدقاء السهر حول النار التي تعطيه الدفء والتأمل في نفس الوقت، مشيرا إلى أن الشاي والقهوة المجهزة على الحطب تكون أكثر نكهة وتساهم في تعديل المزاج. ويرى الدكتور حسن العيسى، الذي اعتاد مشاركة أصدقائه في جلسات البر، أن مساحات البر الكبيرة ورماله الباردة تجسد حالة من التواصل بهدف الاستمتاع بالطبيعة طيلة موسم الشتاء الجميل، مشيرا إلى أنه كلما سنحت له ظروفه العملية والعائلية يقضي أوقاته في الطلعات البرية بعيدا عن وسائل التقنية. يوسف بوعبيد الذي يعمل في أمن متنزه الأحساء، قال: منطقة بر الأصفر المحاذية لمدينة العمران، تظل برمالها وأشجارها البرية، المكان المفضل لدى اهالي البلدات القريبة منها، حيث الأجواء الباردة ومواسم هطول الأمطار، التي توفر أجواء تكررها نادر، تدفع الناس للخروج في نزهات برية جماعية. ويتفق سعد الجبر وعايش السليم، على أن الرحلات البرية باتت مطلبا ملحا لنا كشباب للخروج من أجواء العزلة والانطلاق نحو الطبيعة واستثمار الأجواء الباردة التي تشجع على الخروج من المنازل، لاسّيما في الإجازات القصيرة ونهاية الأسبوع، ففي الرحلات البرية وشبة النار سواء مع الأصدقاء أو برفقة العائلة، حيث المناظر الطبيعية البرية لها وقع طيب على الإنسان. أما الشاب يوسف العباد، الذي يعمل معلما في مدرسة المركز الابتدائية، فإنه شغوف بجلسات البر التي يزينها التحلق حول «الضو» حيث يعتبرها ملاذه الأول والأخير في أيام الشتاء لما لها من أثر على النفس، ولما فيها من متعة الأحاديث حيث تزيد حلاوة عندما يشتد البرد فتزداد حلاوة النار المشبوبة من حطب القضا والسمر. في حين يستمتع على الحجي، بالأجواء والمناظر الطبيعية الخلابة، فهو وأصدقاؤه يتسابقون على التوجه للمواقع البرية حيث يقطعون أحيانا مسافات طويلة بسياراتهم ذات الدفع الرباعي للتعمق داخل الأماكن البرية والتي من بينها بر الأصفر مشيرا إلى أن ولع وتعلق أهالي مدينة العمران بالحياة البرية التي حولهم له ارتباط وثيق منذ القدم.