يشعر بعض الناشطين في مجال المناخ بالقلق من أن انتخاب دونالد ترامب رئيسا سيكون بمثابة ناقوس الموت للبيئة العالمية. وهذا يكاد يكون من المؤكد أنه أمر غير صحيح. أيا كان موقف ترامب تجاه علوم المناخ وسياسات الطاقة، سيكون لاثنين من العوامل الخارجية الكبرى أهمية كبيرة جدا - التقدم التكنولوجي والسياسات في البلدان النامية. أولا، الأخبار الجيدة. وهي أن تكنولوجيا الطاقة المتجددة أصبحت الآن لا يمكن وقفها. لم تعد الطاقة الشمسية تعتمد على الإعانات الحكومية لكي تبقى على قيد الحياة - فهي تهزم الوقود الأحفوري وبشكل متزايد من حيث العوامل الاقتصادية الخالصة. يحدد تقرير جديد أصدرته بلومبيرج تلك الأرقام. الطاقة الشمسية أصبحت رخيصة جدا، وسريعة جدا، بحيث ستصبح وبسرعة تمثل حصة الأسد في توليد الطاقة الكهربائية الجديدة. على فرض أن تكنولوجيا البطاريات ستواصل تحسنها، تتوقع بلومبيرج أنه بعد عقد من الآن، ستبدأ الطاقة الشمسية تحل مكان بعض معامل توليد الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري. بعبارة أخرى، سيكون في الكثير من الأماكن من الأرخص القضاء وبكل بساطة على مصانع الفحم وبناء محطات جديدة للطاقة الشمسية مكانها. ويعد كل هذا أخبارا رائعة بالنسبة للمناخ. فهو يعني أنه لا يتعين علينا وقف النمو الاقتصادي أو أن نجري تغييرا جذريا للطريقة التي تعمل فيها الرأسمالية لكي ننقذ كوكب الأرض، كما كان قد افترض بعض الناشطين في مجال المناخ. مرة أخرى، سيتيح لنا الإبداع البشري فرصة الإفلات من مصيدة القيود الطبيعية. لكن إليكم الأخبار السيئة: ستوصلنا التكنولوجيا فقط إلى منتصف تلك الطريق. حيث تتوقع بلومبيرج بأنه حتى مع سباق الطاقة الشمسية المقبل، ستستمر انبعاثات الكربون في مستوياتها الحالية أو أعلى منها بقليل خلال العقود الثلاثة المقبلة. وهذا يعتبر كمية جديدة من الكربون يجري ضخها في الهواء سنويا، إضافة إلى المخزون الهائل الموجود فيه بالأصل. بما أن تجنب التغير المناخي يتطلب إجراء تخفيضات كبيرة في الانبعاثات، هذا يعني أن هنالك حاجة لفعل المزيد. على المدى القصير، يجري إلغاء التقدم المذهل الذي يتم إحرازه في مجال التكنولوجيا بسبب الزيادات السريعة في الانبعاثات في البلدان النامية. الصين هي المشكلة التي يعلم عنها الجميع. فهي تطلق بالفعل ضعف كمية الكربون التي تطلقها الولاياتالمتحدة تقريبا. مع ذلك، بذلت الصين مؤخرا جهودا هائلة للتقليل من الانبعاثات، ويبدو أنها جهود فاعلة وناجحة. يلزم القيام بأكثر من ذلك بكثير، لكن القيادة في ذلك البلد تنظر للمشكلة بجدية - ربما بشكل جاد أكثر من الولاياتالمتحدة. البلد الأكثر إثارة للقلق هي الهند. فهذا البلد، الذي يعادل في حجمه تقريبا الصين من حيث عدد السكان، لا يزال يعاني من الفقر بشكل كبير وهو مصمم على تطوير نفسه. والطريقة الأسهل لأن يصبح أكثر ثراء هي التصنيع والبحث عن الفحم وحرقه - كما أن الهند لديها مخزونات كبيرة جدا من الفحم. وفقا لتقرير بلومبيرج، تستعد الانبعاثات الهندية للارتفاع بشكل كبير. لذلك، فإن المعركة ضد ظاهرة الاحترار العالمي ستتعرض للفوز أو الخسارة في الهند إلى حد كبير، وفي جنوب شرق آسيا إلى حد أقل. لكي نمنع حدوث التغير المناخي الخطير، ستحتاج الهند للتصنيع بأسلوب مختلف عن التصنيع في أوروبا والولاياتالمتحدة وشرق آسيا. وسيتعين عليها تخطي معظم مراحل استخدام الفحم واقتحام مجال استخدام الطاقة الشمسية بشكل مباشر. ومن الواضح أن انخفاض تكلفة الطاقة الشمسية سيساعدها في ذلك، لكن موارد الفحم الرخيصة والوفيرة بشكل غير عادي في الهند تعني أنه سيكون الوقت قد تأخر أمام حفلة الطاقة المتجددة ما لم تتخذ الحكومة بعض الإجراءات في هذا المجال. على الرغم من أن إدارة ناريندرا مودي قدمت وعودا كبيرة فيما يتعلق بخفض انبعاثات الكربون، يشكك الكثيرون في قدرة الحكومة وإرادتها في استكمال العمل، خاصة في ضوء الإحجام التقليدي لديها لمعالجة هذه القضية. كان ذلك التردد والإحجام مفهوما. على الرغم من أن الهند هي من بين البلدان الأكثر تأثرا بالتغير المناخي - فلديها الكثير من المناطق الساحلية المعرضة للفيضانات، والكثير من الناس الفقراء الذين سوف يعانون من تقلب أسعار المواد الغذائية - تحتاج أيضا للتصنيع بشكل أسرع وأرخص قدر الإمكان. من الواضح أنه ليس من الإنصاف أن تعيق الهند نموها في حين أن معظم البلدان الأخرى أصبحت غنية من خلال حرق أنواع الوقود الأحفوري. هذا سوف يشكل ضغطا شعبيا على الحكومة لأن تبذل جهودا أقل مما يجب. يمكن أن يبدو الحل البسيط بأنه يتعين على البلدان الغنية أن تدفع للهند وغيرها من الدول سريعة التقدم لكي تتخطى مرحلة استخدام الفحم وأن تقتحم مباشرة مرحلة استخدام الطاقة الشمسية. مع ذلك، مع تراجع الاقتصادات الأوروبية وترأس إدارة ترامب للولايات المتحدة، تبدو مثل تلك الصفقة الكبرى غير محتملة. أما الفكرة الأكثر واقعية فهي تداول الاستثمار وتداول إمكانية الوصول والتكنولوجيا من أجل اتخاذ إجراءات جذرية في قضية المناخ. إذا فرضت الهند ضريبة مرتفعة على الكربون، واعتمدت حوافز أخرى لاستبدال الفحم بالطاقة الشمسية بشكل سريع جدا، ينبغي على البلدان المتقدمة القيام بعملين. أولا، يجب عليها توجيه كميات كبيرة من الاستثمار نحو الهند، وإسقاط الحواجز التجارية التي تقف في وجه السلع الهندية. ثانيا، يتعين عليها إعداد برامج نقل تكنولوجية يمكنها تقديم دراية ومعرفة تتعلق بالطاقة النظيفة - مثل طاقة الشمس والرياح والطاقة النووية- للهند. هذا النوع من الصفقة الكبرى من شأنه أن يرضي إحساس الهنود بالإنصاف، وفي الوقت نفسه يساعد الهند في التصنيع بسرعة. ومن شأنه أن يوجه ضربة ضد التغير المناخي الذي يؤذي كوكب الأرض. وهو أمر تستطيع أوروبا واليابان والبلدان الغنية الأخرى أن تفعله، حتى لو اختارت الولاياتالمتحدة أن تخرج من الموضوع في ظل رئاسة ترامب. ورغم أن الطاقة الشمسية أعطت الإنسانية مخرجا ممكنا من مأزق التغير المناخي، إلا أنه لا بد من اتباع السياسة الجريئة من أجل الاستفادة من هذا المخرج المناسب.