بشار وخامنئي وبقية الجوقة الحلفاء.. الآن هؤلاء يحتفلون بدمار حلب.. لا جديد، زعماء تعودوا أن يكتبوا تاريخ انتصاراتهم بالدم والدمار والوحشية. أوروبا تتوارى خجلا من فشلها في الانتصار للعدل وللسلام، انهم يخجلون ليس لأن أرواحا بشرية بريئة تزهق وآلاف البشر يتشردون، بل لأن سقوط حلب هو سقوط للحضارة الغربية، سقوط لحضارة سوقت قيم الرجل الأبيض وثقافته وعنصريته على أنها حامية ومخلِّصة العالم، ولهذا قادت احتلال الدول وقهرت البشر، والآن مع تطور اليمين المتطرف، أوروبا منكسرة حضاريا وليس انسانيا، هكذا يرون سقوط حلب! كالعادة، العالم الثالث المتخلف يبقى أسير العواطف والحيرة، وتعايش مع القناعة ان العالم تحكمه قوانين وسياسات القوة، وليس قوة القانون والأخلاق، لذا الفشل في الفعل أو ردة الفعل متوقع، لأن البشر في هذا العالم الهامشي تعودوا على الكوارث والمآسي والحروب والأمراض.. لذا الناس أصبحوا يرون الوضع المروع في حلب كأنه أمر طبيعي، يعيشونه كجزء من يومياتهم، انه فقدان الإحساس بالألم، وانتظار الأمل! بعد سقوط حلب، أمريكا تنتظر الاحتفال مع بوتن صديق ترامب بالانتصار على داعش، ولا يهمها حلب، وإسرائيل تجني ثمار سياسات وخطط الهيمنة في الشرق الأوسط، فقد قادت ببراعة المشروع الصهيوني إلى ذروة النجاح، ولم يبق إلا دول الخليج، نعم دول الخليج العربية، فالمطلوب والمتوقع هو دفعها إلى التطبيع مع المشروع الصهيوني، أو استمرار مؤامرة التفكيك في المنطقة. تولي اللوبي الإسرائيلي، ايباك، قيادة سياسة واشنطن في الشرق الأوسط هو الحقيقة التي رغب البعض منا في إنكارها وتجاهلها، وأبرز المؤشرات الواقعية لهذه السياسة هو خروج إسرائيل بالمكاسب الكبرى من العنف والصراع في المنطقة. بدأ المشروع من إطلاق الحرب على العراق ثم احتلاله وتسليمه إلى إيران، وتسليم العراق للمشروع الإيراني لم يجر بغباء كما تتصور سذاجتنا السياسية، بل هو استثمار سياسي ذكي للطموح الإيراني المتعطش للثأر والهيمنة، وكما رأينا قام الإيرانيون بالمهمة على أحسن وجه، فقد أوجدوا مع حليفهم الأسد البيئة لقيام المنظمات الإرهابية. وأيضا تم استثمار الطموح الروسي للتواجد في المنطقة لأجل تدمير سوريا، والتلاعب الأمريكي بالقضية السورية مهد الطريق لتوريط روسياوإيران. والآن بدأت تنطلق الآلة الإعلامية الغربية لشيطنة روسيا، كتغطية أخلاقية للخذلان والتقاعس الغربي، مستثمرين التدخل الروسي الوحشي، ومستثمرين عدم المبالاة الروسية بالرأي العام العالمي، فما ارتكبه الأسد وحلفاؤه يوازي جرائم هتلر وستالين وفظاعات الثورة الإيرانية. وإسرائيل الآن تستعد لتطرح نفسها على أنها النموذج الحضاري، في منطقة ترتكب فيها المذابح والفظاعات والتهجير والتغيير الديمغرافي الذي يتجاوز بمراحل عديدة ما فعلته إسرائيل منذ قيامها. قادة إسرائيل يحتفلون الآن بحالة الدمار فهذه تمهد الطريق لنهوض القوة الإسرائيلية الناعمة، إسرائيل العلوم، الثقافة والتعايش. وحالة الانتشاء الإسرائيلي عبر عنها بوضوح ديفيد فريمان سفير ترا مب المقترح إلى إسرائيل الذي ينتظر، كما صرح أول أمس، بأن يمارس عمله من القدس، العاصمة الأبدية لإسرائيل الكبرى!! وإسرائيل الكبرى تكتمل معنويا وسياسيا ويتحقق حضورها في المجتمع الدولي إذا انتصرت على جبهة اخرى مهمة. انها جبهة التطبيع مع دول الخليج العربية. والأدبيات الإسرائيلية والأمريكية تتناول هذا المشروع منذ سنوات بعيدة. وربما هذا يفسر الهجمة القوية علينا من مراكز الدراسات الغربية القريبة من اللوبي الإسرائيلي الإيراني في أمريكا وأوروبا، وإيران سوف تعمل بقوة للدفع بهذا المشروع، فهذا يخدم مشروعها التوسعي في المنطقة وفي العالم الإسلامي، والهدف الاستمرار في إضعافنا على عدة جبهات، وتوسيع دائرة الصراع حتى تستكمل مشروعها. حلف المصالح الإيرانية الإسرائيلية تلتقي ذروته عند مشروع التطبيع، وهم يعتقدون أننا سوف نستسلم، ويلوحون بالتطبيع أو التركيع! طبعا نحن الأعرف بمصالحنا، ونحن الأعرف كيف نتحرك في إطار الاجماع العربي والإسلامي، وبما يخدم المصالح العليا للشعوب، وهذا الذي يجعلنا ندعو دائما إلى تقوية الجبهة الداخلية بين دولنا حتى تكون محصنة ضد أي خطط أو مؤامرات أو مشاريع، فالجبهة الداخلية القوية هي التي تجعلنا أقوياء في البيئة المضطربة، وتجعلنا نختار من المشاريع المطروحة إقليميا وعالميا ما يخدم مصالحنا ويضمن استمرارنا واستقرارنا. ولن نقول وداعا ياحلب، بل الأمل كبير بالله أن ننهض إلى وضع أقوى، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.