كنت في زيارة ودية لمسؤول سعودي في إحدى الجهات الإعلامية المرموقة والبارزة.. ثم الْتَحَق بنا بعد مدة قصيرة مسؤول آخر في تلك الجهة نفسها، وطلبا مني قراءة آخر قصائدي (الغزلية) بالتحديد ففعلت.. ويبدو أنهما طُرِبا لذلك..! فأخذنا الحديث إلى الشعر والقصائد التي ما زالت خالدة وحيّة في وجدان كل عربي، ومع الحديث دخلنا في مشاعر الشاعر وغزله وتغنيه بالجمال بكل جوانبه الحسية والفَرَضية والخيالية والوصفية والواقعية وغيرها. كما سحبنا الحديث عن حضور المرأة في حياة الرجل بشكل عام، وفي قلب ووجدان الشاعر بشكل خاص.. و استعراض ما صنعته المرأة في مسيرة أغلب شعراء الأرض، وليس الشعراء العرب فحسب.. وفجأة انبثق السؤال من أحدنا عن إمكانية أن يحكم العالم واحد من اثنين.. إما شاعر.. أو امرأة جميلة.. فقال أحدنا.. لماذا لا يكون الاثنان معًا، المرأة تحكم في النهار.. والشاعر في الليل.. أو العكس.. لكن الثالث قال: المرأة تحكم شهرًا، والشاعر شهرًا.. ولك أن تتخيل العالم محكومًا بعنصرين بشريين، أحدهما لطيف رقيق ناعم، والآخر لطيف رقيق.. وإذا أسْرَجْنا الخيال فيمكننا في ذلك أن نتخلص من الجيوش ووزارات الدفاع والأسلحة، والسجون، والشرطة، والمحاكم، و القضاء، والمحامين، والهيئات الخشنة، ويتحول العالم كله إلى شيء آخر.. صباحه سيمفونيات وفيروز ومقطوعات فندقية وباقي نهاره حوار هادئ ومصالح متبادلة ونظيفة وسلوك خالٍ من الفساد، وتضارب الأهواء والمنافع، وليله قصائد وأغانٍ وعشاء فاخر.. ويواصل الخيال في تلك الجلسة الثلاثية الطريفة النادرة فيقول كاتب هذه السطور.. إن الشاعر أي شاعر- لا يريد أن يحكم العالم أو أن يتخيل أنه في ذلك.. لكن يريد أن يرى السلام يعم الأرض والناس تتخاطب بالشعر المعجون بالحكمة والرقة ونبذ العنف، والحث على الحب والحوار والتفاهم ولا شيء غيره.. ولأن المرأة هي الحاضرة اسمًا وخيالا وأمنيات، والغائبة حضورًا حقيقيًا وجسدًا ولسانًا وفكرًا.. فقد كنا نتمنى وجود سيدة جميلة حكيمة أو سيدتين. .يشاركننا الجلسة حتى لا يكون حديثنا عنها كما الغالب (بالنيابة)، فمهما كانت الأمنيات وردية وحالمة وجميلة يُطلِقُها الرجل والشاعر ويتخيلها عن المرأة فيما لو مسكت زمام العالم.. فسيبقى لها رأيها ورؤيتها في ذلك.. لنا في مشاهد التاريخ عِبرٌ وتأمل، كبلقيس ملكة سبأ، وكليوباترا، شجرة الدر، وسميراميس.. وغيرهن كثيرات.. بصرف النظر عن مآلات الحكم لكل واحدة.. هذا في الجانب النسائي، أما في الجانب الرجالي فالتاريخ لا يخلو من حُكْم شاعر حَكَم وعَمّ السلام في عهده.. وأتذكر الآن الرئيس الراحل / ليوبولد سنجور(1906 – 2001 م)،الذي كان شاعرًا وأديبا وفنانًا ومهندسًا وعازف موسيقى.. وحكم السنغال 20 عامًا ولولا تعدد الفيسفساء الأفريقية داخل وخارج بلاده، لكانت السنغال أنموذجًا للسلام.. يعني لم يكن هو المتسبب في بعض الاضطرابات التي لحقت ببلاده.. كما أن الحديث جرّنا أن العالَم أصبح لا يطاق بسبب انتشار العنف، وضمور وموت الفن والموسيقى والغناء والمسرح والسينما والكتاب وسائر العوامل الإبداعية الناعمة، رغم وجود هذه المناحي بصورة قليلة أو كثيرة.. ويتواصل حديثنا على أن مثل هذه الأمنيات والأحلام ليست بالطبع مقصورة على الدول العربية أو الإسلامية.. بل هي شاملة لكل بقعة في العالم.. وهنا.. يعاد السؤال: ماذا لو حكمت المرأة..فهل «هيلاري كلينتون» مثلا ستحقق ما كان ينشده المجتمعون الثلاثة ويحلمون به ؟ أظن أن الرجل بشكل عام مهما تشدق بحب المرأة لن يتيح لها ذلك، فماذا لو حَكَمَتْ سيدة مثل « تانسو شيللر» تلك التركية الجميلة هل تتذكرونها ؟ - أو حَكَمَ شاعر عربيّ مثل نزار قباني..؟ أو سيدة أخرى كفيروز أو امرأة شاعرة جميلة.. نعم قد يكون هناك استثناء في وطننا العربي في ذلك.. فإمارة الشارقة مثلاً يحكمها أديب و دكتور هو سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، ولهذا ترى أثره معكوسًا على إمارته.. وعلى فكرة.. فهو لمن لا يعلم : شاعر مجيد، وله قصائد رائعة بالفصحى والعامية الإماراتية.. إن الأحلام تبقى أحلامًا تصطدم بالواقع.. و تتصارع معه، ولا بأس أن نحلم بشاعر رقيق، أو سيدة جميلة شاعرة تحكم العالَم..