نجحتْ قمة الصخير (37) بالتأكيد في تعزيز اللحمة الخليجية، وتمتين نسيج العلاقات الأخوية بين قيادات وشعوب المنطقة، ودفعتْ باتجاه تطوير المنظومة الأمنية والدفاعية المشتركة، والعمل على تطبيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في قمة جدة 2015م، إلى جانب الاتفاق على توحيد المناهج، ومطالبة إيران بتغيير سياساتها، وإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية، واحترام حقوق الجوار الخليجي، والكف عن التدخل في الشأن العربي، طبعا هذا إلى جانب تعزيز كافة جوانب العمل الخليجي المشترك. هذا على صعيد القمة ومخرجاتها، وهي بالمقاييس السياسية تعدّ قمة ناجحة، حتى ولو لم تبلغ سقف التطلعات الشعبية لأبناء الخليج، والذين كشفتْ زيارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى كل من الإمارات، وقطر والبحرين والكويت، وما حظي به من استقبالات شعبية لافتة، إلى جانب الاستقبالات الرسمية بطبيعة الحال، كشفتْ عن علوّ سقفها، حيث بدا واضحا أن الشعوب الخليجية تعلق على سلمان بن عبدالعزيز تحديدا الكثير من آمالها الكبار؛ لنقلها من حالة التعاون إلى حالة الاتحاد، الذي أصبح مطلبا شعبيا في هذه الظروف الاستثنائية؛ والذي تابع جولات الملك، وأصداءها المبتهجة في «برلمانات الشعوب» نعني «وسائط التواصل الاجتماعي» التي احتفلت به قائدا خليجيا، وزعيما عربيا وإسلاميا، بحفاوة لا تتوفر إلا للزعماء الذين يحظون برصيد استثنائي في وجدانات شعوبهم؛ يلمس هذا البعد بوضوح، ذلك لأن الخليجيين في كافة أقطار المجلس ينظرون إلى الملك سلمان -حفظه الله-، وأسلوبه الحازم في حسم الأمور، واتخاذ القرارات الصعبة، وحرصه على ارتفاع هامة الخليج، وتصدّيه بصلابة القادة العظام للتهديدات الإيرانية بكل قوة، على أنه الزعيم الذي يمتلك كل أدوات القيادة باتجاه الاتحاد/ الحلم، ويشعرون أنه الرجل الذي بوسعه أن يقطع أطول المسافات بخطى قليلة نسبة لانحيازه دوما إلى وضوح الطريق المستقيم. لقد ضجّتْ وسائل التواصل في دول الخليج التي زارها الملك سلمان - أيده الله-، على مدى الأيام الفائتة، بالكثير من التعبيرات التي تصب في هذا الاتجاه، عندما تعاملت مع الزيارة على أنها زيارة زعيم، وليس مجرد ملك أو عاهل دولة شقيقة، وهنا يتضح الفارق بين محصلات الزيارات الملكية على الصعيد الشعبي، والتي أنجزتْ للخليجيين في مستوى الروابط، والعلاقات الشعبية، والعهد لقائد الحزم ولأخوته قادة دول المجلس ما لم تستطع حتى القمة أن تنجزه، ذلك لأن القمة في الغالب تتعامل مع معطيات سياسية يلزم أن تؤخذ في الاعتبار، وعلى أطر معينة تحتاج أن تنضج في المواعيد الملائمة لها، أما مثل هذه اللقاءات التي تتم مباشرة وبلا تكلف بين زعيم بحجم سلمان بن عبدالعزيز، وأبنائه في دول الخليج ممن وجدوا فيه زعامتهم التي يعلقون عليها أحلامهم وآمالهم، فإنها وبعفويتها تنبع من نضوج الحلم في أذهان الناس، وثقتهم في دفعه إلى تلك اليد التي يرون أنها الأمينة على تحقيقه بالتعاضد مع قيادات الخليج، وهذا ما كشفته زيارات الملك، وعبّرت عنه الشعوب بكل أريحية، وبلا تكلف أو صنعة، أو توجيه أو احتشاد، إلى أن قالت تلك الزيارات على لسان الشعوب ما لم تستطع أن تقوله القمة في توجيه أحلامها مباشرة إلى الوحدة والاتحاد.