عندما أشيع أن النصر ينوي التخلص من زوران تحرك الكثير ومنهم أعضاء شرف النصر ضد هذه الفكرة، رغم أنه لم يكن حينها الوقت كافيًا حتى يستطيع أحدٌ الحكم على زوران وفلسفته التدريبية، لكن المهم في الأمر أن هذا القرار لم يرَ النور، واستمر زوران في قيادة النصر، ومن بعد مباراة الأهلي تحديدًا لمس الجميع الدور الفني الكبير الذي لعبه زوران في تنظيم الفريق، وأسلوب اللعب المختلف كليًّا عن أي مدربٍ سابق؛ لهذا نحن نعاني في الكرة السعودية من مشكلة القرارات المتسرعة غير المدروسة، وهذا سببه أن رئيس النادي يرضخ للضغوط كثيرًا، ويستجيب لصوت الجمهور وأعضاء الشرف، ويستغني عن المدرب كأسهل قرارٍ يمكن أن يصدر عن أي رئيس، فما معنى أن يُقال مدرب من الجولة الثانية في الدوري؟ وكيف لأي مدربٍ بعد ذلك سيقبل أن يخوض أي تجربةٍ في الدوري السعودي ما لم يضع لنفسه عقدًا يحميه من أي إقالةٍ قد تحدث!؟ لذلك نجد مبالغ التعاقدات مع المدربين عالية مقارنة بأي دولةٍ أخرى، وفي يومٍ من الأيام ستجد الأندية السعودية نفسها مجبرة على التعاقد مع مدربين مبتدئين؛ لأن المدربين أصحاب الخبرة والسجل التدريبي الجيد والذين لديهم القدرة على خدمة الكرة السعودية، والاستفادة منهم يرفضون المجيء للتدريب في ملاعبنا، ولن تجد مدربًا عاقلًا يغامر بتاريخه في الملاعب السعودية، وهو على يقينٍ بأن أسهل قرار يصدر في الكرة السعودية هو إقالة المدربين، ولعل الفترة الطويلة التي استغرقها الهلال في البحث عن مدربٍ دليلٌ حيٌّ لا يقبل الشك، فقد فاوض الهلال مدربين كثيرين، وجميعهم كانوا يرفضون المجيء أو يقدمون شروطًا تعجيزيةً يصعب على أي نادٍ تنفيذها، وإن قبل فإن مجيئه سيخلّف تركة كبيرة من الديون على النادي. القضية الحقيقية التي يجب أن تنتبه لها الأندية السعودية هي أن المدرب صاحب الاسم الرفيع في عالم التدريب سينقل عن كرتنا فكرةً، إما أن تكون جيدةً أو غير ذلك، ونحن بما نفعل معهم لن تكون السمعة جيدةً في المحيط العالمي للمجال التدريبي، فقرار إقالة أي مدربٍ مشهورٍ ومعروفٍ في الوسط الرياضي العالمي ستتناقلها وكالات الأنباء العالمية، وستترك أثرًا سلبيًّا على كرتنا، فالمدرب ستحاصره الأسئلة من كل وكالات الأنباء وأهم سؤال: لماذا أقالوك؟ في هذه الحالة ومن الطبيعي أن هذا المدرب لن يرمي باللائمة على نفسه، وسيبدأ في إيضاح الأمور، وسيتحدث عن كل شيءٍ يخصّ كرتنا، عن بيئة العمل، وعن العمل الاحترافي لكرة القدم في السعودية، وسيجد مواضيع كثيرةً مختلفةً لا تتناسب مع بيئة الاحتراف في العالم حتى يتحدث عنها، وجميع هذه المعلومات في هذا الفضاء الصغير تصل وتحفظ في محركات البحث، وحين يأتي عقدٌ لأي مدربٍ في العالم أول خطوةٍ يتخذها قبل أن يُشرع في الخطوة التالية البحث في مواقع الإنترنت عن الكرة السعودية، وماذا يُقال عنها، عندها سيكون لديه تصورٌ مبدئيٌّ غير جيد، وبعضهم يعتمد في الرفض على هذا التصور المبدئي، فمدرب الهلال رامون دياز تردد كثيرًا قبل الموافقة، ووضع شروطًا غريبة لموافقته، وحين سُئل ماذا تعرف عن الهلال قال: معلوماتٌ بسيطةٌ حصلت عليها من الإنترنت، هذا يعني أن سمعة كرتنا مرتبطةٌ بما يقال عنها في مواقع البحث، ومتى ما قدمنا أنفسنا في هذا الجانب بالشكل الجيد ستكون ملاعبنا مكانًا رحبًا يستقطب المبدعين في كرة القدم الذين لديهم القدرة على رفع المستوى العام للعبة في السعودية، وفي المحصلة النهائية ستنعكس نتيجة هذا الاحتكاك إيجابًا على منتخباتنا الوطنية، وسنلمس قيمة التطور الفني للاعب السعودي. ودمتم بخير،،،