ليس من الذكاء أن يُعلن أي مسؤول عن افتتاح مشروع عملاق أو حتى قزم في موسم المطر. فالمطر في الصحاري ضيف عزيز، والصحراء تجيد الاحتفاء به.. لا لشيء أكثر من أن المطر صادق، ونقيّ، ولا يعرف المحاباة، ولا النفاق. ومن النزاهة أن يخرج المسؤول أو المعني بالمشروع ويقول: هذا المشروع سيفتتح في الصيف.. لأننا سنجرب جودة الإنشاءات في هذا الشتاء. الناس طال انتظارها عقودًا من الصبر حتى ترى مشاريع تؤكد إدراك بعض المؤسسات العملاقة والإدارات الحيوية لحقيقة أننا مجتمع بشري، مكون من ناس، والناس لهم أرواح وقلوب وعقول، وليسوا روبوتات يجب فرض برمجة عقلية وسببيّة عليهم. ورغم علم الجميع بظمأ المجتمع وحاجته إلى ظهور أي قطرة من الإنجاز على الصعيد المدني ومنتهاه الاجتماعي.. إلا أن القائمين على تلك المشاريع الحيوية ما زالوا يخطئون في جانب التوقيت من ناحيتين: زمن تنفيذ الإنشاءات ووقت الافتتاح. الوعي والإدراك الحسّي بخوف المواطن المتواصل من عامل الوقت له ما يبرره، فالتجربة مع الفساد وويلاته ليست بالقصيرة. وهذا لا يعفي حتى من يحاولون اليوم سداد النزر اليسير من ديونهم تجاه هذا الوطن العظيم. فالمؤسسات العملاقة التي انغلقت على ذاتها لعقود تلو عقود - دون أن تمنح المجتمع ما يستحق من عطاء- من الواجب عليها أن تكون الأكثر حذرًا، خصوصا وأنها هي من قرر أن الوصول إلى هذا المجتمع والتواصل معه من باب الواجب «الوطني» بعد طول غياب. ومن منطلق الإلمام بالدور المطلوب من المنظومات العملاقة (حكومية كانت أو خاصة) طبقًا لما ترسمه رؤية 2030، فعلى كل هذه المؤسسات التي استفادت من خيرات هذا الوطن أن تعي حقيقة واحدة تقول: المواطن بدءًا من اليوم وعلى مدى المستقبل المُختلف سيطالب بالكثير، وهذا «الكثير» لا يعدو كونه حقوقا يسمونها في العالم المتقدم (مسؤولية اجتماعية).. وطالما أنها «مسؤولية»، فهي أمانة، وعلى الأمانة أن تصل كما هي.. لا نقص فيها أو «تسريب»!